[ ص: 372 ]  460 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحيات من إطلاق قتلها ، ومن ترك الرخصة في ذلك ، وما روي عنه فيها مما يخالف ذلك . 
 2926  - حدثنا  علي بن معبد  ، قال : حدثنا  طالوت بن عباد  ، قال : حدثنا داود بن أبي الفرات  ، عن محمد بن زيد العبدي  ، عن أبي الأعين العبدي  ، عن أبي الأحوص الجشمي  ، قال : بينا  ابن مسعود  يخطب ذات يوم فإذا هو بحية تمشي على الجدار ، فقطع خطبته ، وضربها بقضيبه - حتى قتلها ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من قتل حية فكأنما قتل رجلا مشركا قد حل دمه   . 
 [ ص: 373 ] 
 2927  - حدثنا  يونس  ، قال : حدثنا  ابن وهب  ، قال : أخبرني  عمرو بن الحارث  ، عن  بكير بن عبد الله بن الأشج  ، عن  سالم  ، عن  أبيه  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : اقتلوا الحيات ، واقتلوا ذا الطفيتين ، والأبتر ، فإنهما يلتمسان البصر ، ويسقطان الحبل ، فمن وجد ذا الطفيتين والأبتر ، فلم يقتلهما ، فليس منا   . 
 [ ص: 374 ] 
 2928  - حدثنا محمد بن عزيز الأيلي  ، قال : حدثنا سلامة بن روح  ، عن  عقيل  ، قال : وأخبرني  محمد بن مسلم  أن  سالم بن عبد الله  أخبره أنه سمع  عبد الله بن عمر  يقول : اقتلوا ذا الطفيتين والأبتر ، فإنهما يلتمسان البصر ، ويسقطان الحبل   . 
 2929  - حدثنا  بكار بن قتيبة  ، قال : حدثنا  أبو عاصم  ، عن  ابن عجلان  ، عن أبيه  ، عن  أبي هريرة  رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحيات : ما سالمناهن منذ حاربناهن من تركهن خشية ، فليس منا   . 
 [ ص: 375 ] قال : ففيما روينا الأمر بقتل الحيات كلها ، وترك الرخصة في ذلك ، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهيه عن قتل ذوات البيوت منها . 
 2930  - كما حدثنا عبد الغني بن أبي عقيلة  ، قال : حدثنا  سفيان  ، عن  الزهري  ، عن  سالم  ، عن  أبيه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اقتلوا الحيات ، وذا الطفيتين والأبتر ، فإنهما يلتمسان البصر ، ويسقطان الحبل ، قال : وكان ابن عمر يقتل كل حية يراها ، فرآه أبو لبابة  أو  زيد بن الخطاب  ، وهو يطارد حية ، فقال : إنه نهى عن ذوات البيوت   . 
 2931  - وكما حدثنا مصعب بن إبراهيم بن حمزة الزبيري  ، قال : حدثنا  أبي  ، قال : حدثنا  الدراوردي  ، عن  محمد بن عبد الله بن مسلم  ، عن  عمه  ، عن  سالم  قال : سمعت  ابن عمر  رضي الله عنه يقول : اقتلوا الحيات ، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر ، فإنهما يلتمسان البصر ، ويسقطان الحبل ، قال  ابن عمر   : فكنت لا أترك حية في الأرض قدرت عليها إلا قتلتها ، فبينا أنا أطلب حية من ذوات البيوت أبصرني  زيد بن الخطاب  رضي الله عنه وأبو لبابة  ، فقالا : مه مه يا عبد الله  ، فقلت : إن رسول  [ ص: 376 ] الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بقتلها ، فقال : لا ، فإنه قد نهى عن ذوات البيوت  ، يريد : عوامر البيوت . 
 2932  - وكما حدثنا  علي بن معبد  ، قال : حدثنا  يونس بن محمد  ، قال : حدثنا  جرير بن حازم  ، قال : سمعت  نافعا  ، عن  ابن عمر  أنه كان يقتل الحيات كلها لا يدع منها شيئا ، وحدثه أبو لبابة البدري  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان التي تكون في البيوت ، فأمسك   . 
 2933  - كما حدثنا  الربيع المرادي  ، قال : حدثنا  أسد بن موسى  ، قال : حدثنا  حماد بن زيد  ، عن  أيوب  ، عن  نافع  ، ثم ذكر مثله . 
 [ ص: 377 ] 
 2934  - وكما حدثنا  يونس  ، قال : أنبأنا  ابن وهب  أن  مالكا  أخبره عن  نافع  ، عن  ابن عمر  ، عن أبي لبابة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجنان التي في البيوت   . 
 2935  - حدثنا  يونس  ، قال : أخبرنا  ابن وهب  ، قال : أخبرني  أسامة بن زيد الليثي  ، عن  نافع  أن أبا لبابة  مر بعبد الله بن عمر  ، وهو عند الأطم الذي عند دار عمر  يرصد حية ، فقال أبو لبابة   : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا عبد الرحمن  قد نهى عن قتل عوامر البيوت ، فانتهى  عبد الله بن عمر  بعد ذلك ، ثم وجد بعد ذلك في بيته حية ، فأمر بها ، فأخذت فخرجت ببطحان  ، قال نافع   : رأيتها بعد ذلك في بيته   . 
 2936  - كما حدثنا  أبو أمية  ، قال : حدثنا  قبيصة  ، قال : حدثنا  سفيان  ، عن  عبيد الله  ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر  رضي الله عنهما قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل  [ ص: 378 ] الجنان في البيوت   . 
 2937  - وكما حدثنا  يونس  ، قال : أخبرني  أنس بن عياض  ، عن  يحيى بن سعيد  قال : أخبرني  نافع  أن أبا لبابة بن عبد المنذر الأنصاري  كان مسكنه بقباء  ، فانتقل إلى المدينة  ، فبينما  ابن عمر  جالس معه ، ففتح له خوخة إذا هو بحية من عوامر البيوت ، فأراد قتلها ، فقال أبو لبابة   : إنه قد نهي عنهن ، يريد عوامر البيوت ، وأمر بقتل الأبتر وذي الطفيتين ، وقال : هما اللذان يلتمعان البصر ، ويطرحان أولاد النساء   . 
قال : ففي هذه الأحاديث نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل ذوات البيوت بعد أن كان أمر بقتل الحيات كلها ، فكان ذلك أولى من الأحاديث الأول ؛ لأن فيها نسخ بعض ما في الأحاديث الأول . 
ثم نظرنا في السبب الذي به كان ذلك النسخ ما هو . 
 2938  - فوجدنا  يونس  قد حدثنا ، قال : أنبأنا  ابن وهب  أن  مالكا  أخبره عن صيفي مولى ابن أفلح  قال : أخبرني  [ أبو ] السائب مولى هشام بن زهرة  أنه قال : دخلت على  أبي سعيد الخدري  في بيته فوجدته  [ ص: 379 ] يصلي ، فجلست أنتظره متى تنقضي صلاته ، فسمعت تحريكا في عراجين في ناحية البيت ، فالتفت ، فإذا حية ، فوثبت لأقتلها ، فأشار إلي أن اجلس ، فجلست ، فلما انصرف أشار إلى بيت من الدار : أترى هذا البيت ؟ قال : كان [ فيه ] فتى شاب حديث عهد بعرس ، فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق  ، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنصاف النهار يرجع إلى أهله ، فاستأذنه يوما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ عليك سلاحك ، فإني أخشى عليك قريظة  ، فأخذ سلاحه ، ثم رجع إلى أهله ، فإذا امرأته بين البابين قائمة ، فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به ، وأصابته غيرة ، فقالت : اكفف عليك رمحك ، وادخل الباب حتى تنظر ما الذي أخرجني ، فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش ، فأهوى إليها بالرمح ، فانتظمها به ، ثم خرج ، فركزه في الدار ، فاضطربت عليه ، فما أدري أيهما كان أسرع موتا ؛ الحية أو الفتى ، فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرنا ذلك له ، وقلنا : ادع الله عز وجل يحيه لنا ، فقال : استغفروا لصاحبكم ، ثم قال : إن بالمدينة  جنا قد أسلموا ، فإذا رأيتم منها شيئا ، فآذنوه ثلاثا ، فإن بدا لكم بعد ذلك ، فاقتلوه ، فإنما هو شيطان   . 
 [ ص: 380 ] 
 2939  - حدثنا الحسن بن غليب  ، قال : حدثنا  يحيى بن عبد الله بن بكير  ، قال : حدثني  الليث  ، عن  ابن عجلان  ، عن صيفي أبي سعيد مولى الأنصار  ، عن أبي السائب  ، ثم ذكر هذا الحديث بألفاظ أقل من هذه بغير اختلاف في المعاني . 
 2940  - وحدثنا محمد بن عبد الرحيم الهروي  ، قال : حدثنا  خالد بن خداش  ، قال : حدثنا  حماد بن زيد  ، عن  أبي حازم  ، عن  سهل بن سعد الساعدي  أن فتى من الأنصار كان قريب عهد بعرس ، فخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فلما رجع دخل منزله ، فإذا امرأته في الدار قائمة ، فأهوى إليها بالرمح ، فقالت : كما أنت لا تعجل ادخل البيت ، فدخل فإذا حية منطوية على فراشه ، فركزها برمحه ، فأخرجها إلى الدار ، فوضعها فانتفضت الحية ، وانتفض الرجل ، فماتت الحية ومات الرجل ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنه قد نزل حي من الجن مسلمون بالمدينة  ، فإذا رأيتم منها  [ ص: 381 ] شيئا ، فتعوذوا بالله عز وجل منها ، ثم إن عادوا فاقتلوها   . 
فتأملنا في هذه الآثار ، فوجدنا في حديثي أبي سعيد  وسهل  ما فيهما مما قد أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجن الذين حدثوا بالمدينة  ممن أسلم فصاروا عمارا لبيوتها ، فنهى عن قتلها لذلك حتى تناشد ، فإن ظهرت بعد ذلك كانت خارجة عن المعنى الذي من أجله نهي عن قتلها ، وعادت إلى الحكم الذي كان جميع الحيات عليه قبل ذلك من حل قتلها . 
وقد روي عن  أبي ثعلبة  عن النبي صلى الله عليه وسلم مما يدخل في هذا الباب . 
 2941  - ما قد حدثنا  بحر بن نصر  ، قال : حدثنا  ابن وهب  ، قال : حدثنا  معاوية بن صالح  ، عن  أبي الزاهرية  ، عن  جبير بن نفير  ، عن  أبي ثعلبة الخشني  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الجن على ثلاثة أثلاث ، فثلث لهم أجنحة يطيرون في الهواء ، وثلث حيات وكلاب ، وثلث يحلون ويظعنون   . 
 [ ص: 382 ] فكان ذلك مما قد حقق أن من الحيات ما هو جان ، وأن فيه ما قد أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثي أبي سعيد  وسهل  ، والله سبحانه وتعالى نسأله التوفيق . 
				
						
						
