[ ص: 35 ]  154 - باب بيان مشكل حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر  خليلا وإن صاحبكم خليل الله 
 999  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  قال : حدثنا  وهب بن جرير  قال : حدثنا  شعبة  ، عن  أبي إسحاق  ، عن أبي الأحوص  ، عن  عبد الله  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر  خليلا .  
 1000  - حدثنا فهد بن سليمان  قال : حدثنا  مسلم بن إبراهيم الأزدي  ، قال : حدثنا  شعبة  ، عن إسماعيل بن رجاء  ، عن  عبد الله بن أبي الهذيل  ، عن أبي الأحوص  ،  [ ص: 36 ] عن  عبد الله  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ مثله ، وزاد : ولكن أخي وصاحبي   . 
 1001  - حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  قال : حدثنا  وهب بن جرير  قال : حدثنا  أبي  قال : سمعت  يعلى بن حكيم  يحدث ، عن  عكرمة  ، عن  ابن عباس  قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه بخرقة ، فجلس على المنبر فحمد الله عز وجل وأثنى عليه ، ثم قال : إنه ليس أحد من الناس أمن علي بنفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة  ، ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر  خليلا ، ولكن خلة الإسلام أفضل . سدوا كل خوخة في المسجد غير خوخة أبي بكر    . 
 1002  - حدثنا  يونس بن عبد الأعلى  قال : حدثنا  عبد الله بن وهب  قال : حدثني  مالك بن أنس  ، عن  أبي النضر  ، عن  عبيد بن حنين  قال : يونس  أحسبه ،  [ ص: 37 ] عن  أبي سعيد الخدري  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر  خليلا   . 
 1003  - حدثنا  أحمد بن عبد الرحمن بن وهب  قال : حدثني عمي  عبد الله بن وهب  قال : أخبرني  مالك  ، عن  أبي النضر  ، عن  عبيد بن حنين  ، عن  أبي سعيد الخدري  عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ مثله . 
قال  أبو جعفر   : ففيما روينا من هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إعلامه الناس أنه لو كان متخذا خليلا لاتخذ أبا بكر  خليلا ، وفي ذلك ما يدفع أن يكون أحد من الناس سواه له خليلا ، وقد كان قوم ينكرون على من يروي عنه من أصحابه رضوان الله عليهم قولهم : سمعت خليلي ، وقال خليلي ، فممن روي عنه إنكاره ذلك على من كان يقول منهم  عامر الشعبي   . 
كما حدثنا أحمد بن علي بن عبد الأعلى البغدادي المعروف بجحيش  قال : حدثنا  سعيد بن سليمان الواسطي  قال : حدثنا  إسماعيل بن زكريا  قال : حدثنا  عاصم  قال : قلت للشعبي   : إن  حفصة  كانت تحدثنا عن  أم عطية  فتقول : حدثني خليلي يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - . فقال  الشعبي   : هذا من عقول النساء . أولم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل موته : من كانت بيني وبينه  [ ص: 38 ] خلة فقد رددتها عليه ، ولو كنت متخذا خليلا من هذه الأمة لاتخذت أبا بكر  خليلا ؟  
قال  أبو جعفر   : ثم كشفنا عن الخليل في هذا ما هو إذ كان الخليل في كلام العرب قد يكون من الخلة التي هي الصداقة ، وقد يكون من اختلال الأحوال . 
 1004  - فوجدنا  إبراهيم بن أبي داود  قد حدثنا قال : حدثنا  أحمد بن عبد الله بن يونس  قال : حدثنا  أبو بكر بن عياش  ، عن  الأعمش  ، عن عبد الله بن مرة  ، عن أبي الأحوص  ، عن  عبد الله  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبرأ إلى كل خليل من خلته ، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر    . 
 1005  - ووجدنا  بكار بن قتيبة  قد حدثنا قال : حدثنا  يحيى بن حماد  قال : حدثنا  أبو عوانة  ، عن  سليمان  ، عن عبد الله بن مرة  ، عن أبي الأحوص   [ ص: 39 ] قال : قال  عبد الله   : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أبرأ إلى كل خليل من خلته ، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر  خليلا ، وإن صاحبكم خليل الله   . 
قال  أبو جعفر   : فكان فيما روينا من هذا دليل على أن الخليل المذكور في هذه الآثار هو الصديق لا الفقير ، وأن المعنى الذي سمي به خليلا فيها هو الصداقة والمودة لا ما سواهما ، وقد وجدنا هذا مكشوفا . 
 1006  - كما حدثنا  ابن أبي داود  قال : حدثنا  أبو الوليد الطيالسي  قال : حدثنا  أبو عوانة  ، عن  عبد الملك بن عمير  ، عن ابن أبي المعلى  ، عن أبيه  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت ابن أبي قحافة  ، ولكن ود إيمان مرتين ، ولكن صاحبكم خليل الله   . 
 [ ص: 40 ] 
 1007  - ووجدنا  يونس  قد حدثنا قال : حدثنا  علي بن معبد  ، عن  عبيد الله بن عمرو  ، عن  عبد الملك بن عمير  ، عن بعض بني أبي المعلى وهو رجل من الأنصار  ، عن أبيه  وكان رجلا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لو كنت متخذا منكم خليلا لاتخذت أبا بكر  خليلا ، ولكن ود وإخاء إيمان ، وإن صاحبكم خليل الله   . 
قال  أبو جعفر   : فكان ما في هذه الآثار دليلا على ما ذكرنا ، وقد رويت هذه الآثار بمعنى زائد على المعاني التي ذكرناها فيها في هذا الباب . 
 1008  - كما قد حدثنا  أبو أمية  قال : حدثنا  عبيد الله بن موسى  قال : حدثنا  سفيان  ، عن  الأعمش  ، عن عبد الله بن مرة  ، عن أبي الأحوص  ، عن  عبد الله  عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر  خليلا ، ولكن صاحبكم خليل الله   . 
وكما حدثنا  بكار بن قتيبة  قال : حدثنا  أبو داود  قال : حدثنا  [ ص: 41 ]  المسعودي  ، عن  عاصم بن بهدلة  ، عن  أبي وائل  ، عن  عبد الله  في قول الله عز وجل : واتخذ الله إبراهيم خليلا   : ألا وإن صاحبكم خليل الله ، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن محمدا   - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة أكرم الخلائق على الله ، وتلا عبد الله   : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا    . 
قال  أبو جعفر   : فاحتجنا إلى الوقوف على معنى ما أضيف من ذلك إلى الله عز وجل ، فوجدنا قائلا قد قال : المراد بخليل الله عز وجل في هذا فقير الله الذي لم يجعل فقره وفاقته إلا إليه لا إلى أحد من خلقه . ووجدنا غيره قد قال في ذلك : إنه المحب الذي لا خلل في محبته . ووجدنا غيره قد قال : هو المختص بالمحبة دون غيره من الناس . 
وكل هذه التأويلات محتملات لما تؤولت عليه . 
وقال غيرهم : إنها الموالاة . كأنهم يذهبون إلى أن الله عز وجل جعله له وليا ولاية لا ولاية فوقها ولا ولاية مثلها ، فاستحق بذلك إطلاق اسم الخليل من الخلة له . 
واستدلوا على ما قالوا في ذلك . 
 1009  - كما حدثنا  بكار بن قتيبة  قال : حدثنا  أبو أحمد محمد بن  [ ص: 42 ] عبد الله بن الزبير  قال : حدثنا  سفيان  ، عن أبيه  ، عن  أبي الضحى  ، عن  مسروق  ، عن  عبد الله  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن لكل نبي ولاة من النبيين ، وإن وليي منهم أبي خليل ربي عز وجل . ثم قرأ إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا   الآية . 
 [ ص: 43 ] وقالوا : فلما كان الله عز وجل له خليلا لم يجز أن يكون ذلك إلا من الخلة التي هي نهاية المحبة ، وإذا كان المعنى في أن الله عز وجل له خليل هو هذا المعنى كان المعنى الذي كان به خليلا لله عز وجل هو ذلك المعنى أيضا ، والله أعلم بمراده في ذلك . 
قال  أبو جعفر   : ومما استدل به على استواء الولاية من الله عز وجل من خلقه ، ومعنى من يتولى الله عز وجل من خلقه أن الله عز وجل قال : إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا  الآية . وقال : إن وليي الله الذي نـزل الكتاب وهو يتولى الصالحين   . وقال : أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين   . وقال : ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون  
في أشباه لذلك قد ذكرها عز وجل في كتابه ، وكانت الولاية فيها من الله عز وجل لمن يتولاه من عباده كالولاية التي يتولى الله عز وجل من يتولاه لا غير ذلك . 
وإذا كانت الولاية فيما ذكرنا كذلك كانت الخلة فيما وصفنا أنها كذلك ، والله نسأله التوفيق . 
وسأل سائل عن المعنى الذي من أجله لم يتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر  خليلا . 
فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله وعونه ، وهو ما بينه - صلى الله عليه وسلم - في حديث يعلى بن حكيم  ، عن عكرمة  ، عن  ابن عباس  الذي رويناه في هذا الباب أنه أفضل منه وهو خلة الإسلام . 
ولما أخبر به في حديث أبي المعلى  من ود الإيمان ، وكانت الخلة إنما تتخذ نسبها بالمودة التي قد تكون ولا إسلام معها ، وكان ما لا يكون إلا بالإسلام أو بالإيمان أفضل من ذلك ، فرد - صلى الله عليه وسلم - مكان أبي بكر  منه إلى ذلك المعنى ، وجعله فوق الخليل . والله نسأله التوفيق . 
				
						
						
