الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 72 ] 161 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله : " وأميطوا عنه الأذى " يعني ما يفعل بالمولود في يوم سابعه

1048 - حدثنا محمد بن خزيمة قال : حدثنا حجاج بن منهال قال : حدثنا حماد بن سلمة قال : أخبرنا قتادة وأيوب ويونس وهشام وحبيب ، عن محمد بن سيرين ، عن سلمان بن عامر الضبي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : في الغلام عقيقة ، فأهريقوا عنه دما ، وأميطوا عنه الأذى .

[ ص: 73 ]

1049 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا عبد الله بن وهب قال : أخبرني جرير بن حازم ، عن أيوب ، عن ابن سيرين قال : حدثنا سلمان بن عامر الضبي قال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : مع الغلام عقيقة ، فأهريقوا عنه دما ، وأميطوا عنه الأذى .

قال أبو جعفر : فكان فيما روينا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يماط عن المولود الأذى ، وذلك مما قد أشكل على من قبلنا منهم محمد بن سيرين ما هو ؟ حتى لقد روي عنه في ذلك :

1050 - ما قد حدثنا محمد بن خزيمة قال : حدثنا حجاج بن منهال قال : حدثنا يزيد بن إبراهيم قال : حدثنا محمد بن سيرين ، عن سلمان بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : في الغلام عقيقة ، فأهريقوا عنه دما ، وأميطوا عنه الأذى .

[ ص: 74 ] قال محمد : فحرصت أن أعلم ما أميطوا عنه ، فلم أجد أحدا يخبرني . قال أبو جعفر : ثم تأملنا نحن ذلك الأذى الذي أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به في المولود لنعلم ما هو ؟ فوجدنا في حديث قد روي عن عائشة في هذا المعنى .

1051 - وهو ما حدثنا به يونس قال : حدثنا ابن وهب قال : حدثني محمد بن عمرو اليافعي ، عن ابن جريج ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشة قالت : عق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حسن وحسين يوم السابع ، وسماهما وأمر أن يماط ، عن رأسه الأذى ، يعني عن [ ص: 75 ] رؤوسهما . أنا أقول ذلك - والله أعلم - .

قال أبو جعفر : فعقلنا بذلك أن الإماطة التي أرادها - صلى الله عليه وسلم - هي الإماطة عن رأس الصبي المذبوح عنه في ذلك اليوم ما يذبح عنه فيه .

وقد وجدنا في حديث بريدة المروي عنه ما قد زاد في الدلالة على الإماطة المرادة في ذلك ما هي ؟ كما .

حدثنا أحمد بن عبد المؤمن المروزي قال : حدثنا علي بن الحسن بن شقيق قال : حدثنا الحسين بن واقد ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : كنا في الجاهلية إذا ولد لنا غلام ذبحنا عنه شاة ولطخنا رأسه بدمها ، ثم كنا في الإسلام إذا ولد لنا غلام ذبحنا عنه شاة ، ولطخنا رأسه بالزعفران .

فعقلنا بذلك أن الأذى الذي أمر بإماطته عن رأس المولود هو الدم الذي كان يلطخ به رأسه في الجاهلية - والله أعلم - .

1052 - وكما حدثنا يونس قال : حدثنا عبد الله بن وهب قال : [ ص: 76 ] أخبرني عمرو بن الحارث ، عن أيوب بن موسى ، عن يزيد بن عبد المزني ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يعق عن الغلام ، ولا يمس رأسه بدم . فكان ما في هذا الحديث زيادة في الكشف عن الذي يماط عن [ ص: 77 ] رأس المولود في يوم سابعه ما هو .

قال أبو جعفر : وقد يحتمل أن يكون الأذى الذي يماط عن رأسه هو حلق الشعر الذي عليه كمثل المراد في قول الله عز وجل :فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك . يريد بذلك المحصورين عن البيت في العمرة التي توجهوا لها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

والله أعلم بمراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما ذكرنا . وإياه نسأل التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية