[ ص: 269 ]  447 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الولاء بالموالاة . 
 2845  - حدثنا  يزيد بن سنان  ، قال : حدثنا  محمد بن كثير العبدي  ، قال : حدثنا  سفيان الثوري  ، عن  الأعمش  ، عن  إبراهيم التيمي  ، عن أبيه  ، عن  علي  رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من والى قوما بغير إذن مواليه ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه عدلا ولا صرفا   . 
 2846  - وحدثنا  أبو أمية  ، قال : حدثنا  عبيد الله بن موسى العبسي  ،  [ ص: 270 ] قال : حدثنا  سفيان  ، عن  الأعمش  ، فذكر بإسناده مثله . 
 2847  - حدثنا  يزيد  ، قال : حدثنا حكيم بن سيف الرقي  ، قال : حدثنا  عبيد الله بن عمرو  ، عن  زيد بن أبي أنيسة  ، عن  سليمان ، يعني : الأعمش  ، ثم ذكر بإسناده مثله . 
قال  أبو جعفر   : ففيما روينا من هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد دل أنه جائز للرجل أن يتولى الرجل ، فيكون بذلك مولى بعد قبوله ذلك منه ؛ لأنه لما منعه أن يتولاه بغير إذن مواليه وهم الذين كانوا مواليه قبل ذلك ، كان في ذلك ما قد دل أن له أن يتولاه بإذنهم إياه بذلك ، وبإطلاقهم إياه له ، وفي ذلك ما قد دل على أنه كان مولى لهم بخلاف العتاق ؛ لأنه لو كان مولى لهم بعتاقهم إياه ، لما كان له أن يوالي غيرهم ، ولا أن يكون مولى لأحد سواهم ، أذنوا له في ذلك أو لم يأذنوا له فيه . 
 2848  - حدثنا  يزيد بن سنان  ، قال : حدثنا  أبو بكر الحنفي  ، قال :  [ ص: 271 ] حدثنا  ابن أبي ذئب  ، عن الحارث بن عبد الرحمن  ، عن  أبي سلمة بن عبد الرحمن  أن مروان  قال لهم : اذهبوا فأصلحوا بين هذين :  سعيد بن زيد  ، وأروى ابنة أويس  ، فذهبنا ، فقلنا : مالك ولهذه المرأة ؟ فقال : أتروني أخذت من حق هذه المرأة شيئا ، وأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من أخذ شيئا من الأرض طوقه من سبع أرضين ، ومن اقتطع من مال امرئ مسلم بيمينه فلا بورك له فيه ، ومن تولى مولى قوم بغير إذن أهله فعليه لعنة الله عز وجل ، لا يقبل الله عز وجل منه صرفا ولا عدلا   . 
قال  أبو جعفر   : ففي هذا الحديث من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ومن تولى مولى قوم بغير إذن أهله فعليه لعنة الله ، ففي ذلك ما قد دل أنه جائز له أن يتولاه بإذن أهله له في ذلك ، وقد روي هذا الحديث بغير هذا اللفظ . 
 2849  - كما حدثنا  الربيع بن سليمان المرادي  ، قال : حدثنا  [ ص: 272 ]  خالد بن عبد الرحمن الخراساني   . 
 2850  - وكما حدثنا سليمان بن شعيب الكيساني  ،  والربيع بن سليمان بن داود الأزدي  ، قالا : حدثنا  أسد بن موسى  ، حدثنا  ابن أبي ذئب  ، ثم ذكر بإسناده مثله ، غير أنهم قالوا : ومن تولى مولى بغير إذنه فعليه لعنة الله   . 
قال : فكان في ذلك أيضا ما قد دل أنه جائز له أن يتولاه بإذنه . 
 2851  - حدثنا  يزيد بن سنان  ، قال : حدثنا  أبو عاصم  ، عن  ابن جريج  ، عن  أبي الزبير  ، عن  جابر بن عبد الله  رضي الله عنهما قال : كتب النبي صلى الله عليه وسلم على كل بطن عقوله ، وقال : لا يتولى مولى قوما إلا بإذنهم   . 
قال : ووجدت في صحيفته : ولعن .... 
 [ ص: 273 ] ففي هذا الحديث أيضا : أن لا يتولى مولى قوما إلا بإذنهم ، وفي ذلك ما قد دل أن له أن يتولاهم بإذنهم ، وكان في هذه الآثار كلها إثبات الولاء قبل هذا التولي على المتولي بقوم آخرين . 
ففي ذلك ما قد دل على أنه جائز للرجل أن يتولى الرجل بموالاته إياه ، وبقبول الذي يتولاه ذلك منه ، وفي ذلك إطلاق وجوب الولاء بغير العتاق ، كما يقول العراقيون  في ذلك ، وقد عارضهم معارض من الحجازيين  في ذلك بما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : إنما الولاء لمن أعتق ، وسنذكر ذلك في أسانيده في غير هذا الموضع من كتابنا هذا مما هو أولى به من هذا الموضع - إن شاء الله تعالى - ، فكان من الحجة عليه في ذلك لمخالفيه فيه أن الذي ذكره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ذكره ، وهو مقصود به إلى الولاء بالعتاق ، لا إلى الولاء بما سواه ، وقد وجدنا الشيء يقصد إليه بمثل هذا القول ، ولا يمنع أن يكون في شيء سواه شيء من ذلك الجنس . 
من ذلك قوله  [ ص: 274 ]  - عز وجل - : إنما الصدقات للفقراء والمساكين  ، الآية . 
فكان ذلك نفيا منه أن تكون تلك الصدقات ، وهي الزكوات لسوى من سمى الله في هذه الآية ، ولم يمنع عز وجل بذلك أن يكون هناك صدقات سوى الزكوات لقوم آخرين سوى الأصناف المذكورين في هذه الآية ، وهي الصدقات من بعض الناس على بعض ممن ليس بفقير ولا بمسكين ولا من صنف من الأصناف المذكورين في هذه الآية ، وكان ما في هذه الآية على الزكوات خاصة ، وكان ما سواها من الصدقات بخلافها ، ولأهل سوى أهلها فمثل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الولاء : إنما الولاء لمن أعتق ، هو على الولاء بالعتاق ، ولا يمنع ذلك أن يكون هناك ولاء سواه ، وهو الولاء الذي قد ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث علي  ، وسعيد بن زيد  ، وجابر بن عبد الله  رضوان الله عليهم بالموالاة ، وتصحيح أحاديث علي  ، وسعيد  ، وجابر  رضوان الله عليهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الولاء قد يكون بالموالاة ، وأن يكون للمولى أن ينتقل بولائه عن من كان مولى له بها إلى من سواه من الناس بإذن من ينتقل به عنه ، وبإذن من ينتقل به إليه . 
وأن لا يكون مولى لمن ينتقل إليه إلا بهذه الثلاثة الأشياء لا بدونها ، وقد كان  أبو حنيفة  وأبو يوسف  ومحمد  يذهبون إلى وجوب الولاء بالموالاة على ما في هذه الأحاديث ، ويذهبون إلى أن للمولى أن ينقل ولاءه إلى من شاء نقله إليه ، رضي مولاه الأول بذلك أو كرهه ما لم يكن عقل عنه جناية جناها ، فإنه إن كان ذلك ، لم يكن له في قولهم أن ينقل ولاءه عنه على حال من الأحوال ،  [ ص: 275 ] والذي رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قد بينا معانيه ، وكشفناها في هذا الباب أولى مما قالوا فيه مما يخالف ذلك ؛ لأنه ليس لأحد أن يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول ولا في فعل إلا فيما أبانه الله - عز وجل - به من سائر أمته ، وجعل حكمه فيه خلاف أحكامهم فيه ، وليس في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه ذكر عقل جناية ، فدل ذلك على أن لا معنى لمراعاة عقول الجنايات في ذلك ، والله نسأله التوفيق . 
				
						
						
