[ ص: 205 ]  824 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خير الناس : أنه من طال عمره ، وحسن عمله 
 5208  - حدثنا  علي بن معبد  ، قال : حدثنا  يزيد بن هارون  ، قال : أخبرنا  حماد بن سلمة  ، عن  علي بن زيد  ، عن  عبد الرحمن بن أبي بكرة  ، عن  أبيه  ، قال : سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - : أي الناس أفضل ؟ أو قال : خير ؟ قال : من طال عمره ، وحسن عمله . قيل : فأي الناس شر ؟ قال : " من طال عمره ، وساء عمله .   [ ص: 206 ] 
 5209  - حدثنا  علي  ، قال : حدثنا  الأسود بن عامر  ، قال : حدثنا  زهير بن معاوية  عن  علي بن زيد  عن  عبد الرحمن بن أبي بكرة  ، عن  أبيه  
 5210  - وحدثنا  علي  ، قال : حدثنا  روح بن عبادة  ، قال : حدثنا  حماد  عن  يونس  عن  الحسن  عن  أبي بكرة 
 
 5211  - وحدثنا محمد بن خزيمة  ، قال : حدثنا  حجاج بن منهال  ، قال : حدثنا  حماد  عن  يونس  ، عن  الحسن  ، عن  أبي بكرة  ، عن النبي  [ ص: 207 ]  - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآثار كلها مثله . 
قال  أبو جعفر   : فتأملنا هذا الحديث ، فوجدنا من كانت صفته الصفة المذكورة فيه أنه لا يكون بذلك خيرا من الأنبياء ، ولا خيرا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين فضلهم الله على من سواهم منهم بقوله : لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا   . 
فعقلنا بذلك أن ما في هذا الحديث مما عم به الناس بظاهره ، لم يرد به ما يدل عليه ظاهره ، وإنما أريد به : من خير الناس ؟ فعم بذلك ما المراد بعضه ، والعرب تفعل هذا كثيرا ، وقد جاء كتاب الله - عز وجل - بمثل لك ، قال الله - عز وجل - في قصة صاحبة سليمان   : وأوتيت من كل شيء  ولم تؤت مما أوتي سليمان   - صلى الله عليه وسلم - شيئا ، وقوله - عز وجل - في الريح : تدمر كل شيء بأمر ربها   . 
وإنما كان ذلك على خاص من الأشياء ، لا على كل الأشياء ، فمثل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث ما قاله هو على بعض من ذكره لا على كلهم ، فيكون قوله : خير الناس ، أو أفضل الناس ، بمعنى : من خير الناس ، أو من أفضل الناس . 
 [ ص: 208 ] وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب أيضا 
 5212  - ما قد حدثنا  علي بن معبد  ، قال : حدثنا  الأسود بن عامر  ، قال : حدثنا  شريك  عن  سماك  ، عن عبد الله بن عميرة  ، عن  درة  ، قالت : كنت عند  عائشة  ، فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " ائتوني بوضوء " . فابتدرت أنا الكوز ، فتوضأ ، ثم رفع طرفه أو عينه إلي ، فقال : " أنت مني ، وأنا منك " . فأتى رجل ، فقال : ما أنا فعلته ، ولكن قيل لي . قالت : وكان سأله على المنبر : من خير الناس ؟ فقال : أفقههم في دين الله - عز وجل   . 
قال  أبو جعفر   : ومعنى هذا عندنا - والله أعلم - كمعنى الحديث الأول الذي ذكرناه . 
قال  أبو جعفر   : وفي هذا الحديث أنه كان لدرة ابنة أبي لهب  من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الموضع المذكور لها فيه ، وهو أجل موضع ، وقد روي  [ ص: 209 ] عنه - صلى الله عليه وسلم - مما كان منه في أمرها لما آذاها من آذاها من نسوة الأنصار  بأبيها لما قدمت المدينة  مهاجرة . 
 5213  - ما قد حدثنا  أبو أمية  ، قال : حدثنا  سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي  ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن بشير  ، عن  ابن إسحاق  ، قال : حدثني  نافع مولى ابن عمر   وزيد بن أسلم  ، عن  ابن عمر  ، قال : لما قدمت درة ابنة أبي لهب  المدينة  مهاجرة ، نزلت دار رافع بن المعلى الزرقي  ، فقال لها نسوة جلسن إليها من بني زريق   : أنت ابنة أبي لهب الذي يقول الله - عز وجل - : تبت يدا أبي لهب وتب  ما أغنى عنه ماله وما كسب  فما يغني عنك مهاجرك ! فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجثت إليه وذكرت ما قلن لها ، فسكتها ، وقال : " اجلسي" ثم صلى بالناس الظهر ، ثم جلس على المنبر ساعة ، ثم قال : أيها الناس ، مالي أوذى في أهلي ، فوالله إن شفاعتي لتنال بقرابتي ، حتى أن حكما وحا وصداء وسلهب لتنالها يوم القيامة بقرابتي   . وسلهب  في نسب اليمن  من دوس   . 
 [ ص: 210 ] قال  أبو جعفر   : ففي هذا الحديث رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر درة ابنة أبي لهب  إلى نفسها لا إلى أبيها ; لأن الله - عز وجل - قد منع أن تزر وازرة وزر أخرى ; ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد قال لأبي أبي رمثة  في ابنه أبي رمثة : " إنه لا يجني عليك ، ولا تجني عليه " ، فكان الذي كان من أبي لهب  لا يتعداه إلى ولد ، ولا إلى غيره ، وكان الذي كسبته ابنته درة ، وعملته من الخير ، لا يتعداها إلى من سواها من أب ولا من غيره والله - عز وجل - نسأله التوفيق . 
				
						
						
