[ ص: 164 ]  816 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله في جيش الأمراء : " الأمير زيد ، فإن قتل زيد ، فالأمير جعفر ، فإن قتل جعفر ، فالأمير عبد الله بن رواحة   " ، واستخراج ما فيه من الفقه 
 5169  - حدثنا  إبراهيم بن أبي داود  ، قال : حدثنا  عبد الله بن أبي بكر بن الفضل العتكي  ، قال : حدثنا  جرير بن حازم  ، عن محمد بن أبي يعقوب  ، عن الحسن بن سعد  ، عن  عبد الله بن جعفر  ، قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشا ، وأمر عليهم زيد بن حارثة  ، فقال : إن أصيب زيد  قبل ذلك أو استشهد ، فأميركم جعفر  ، فإن قتل أو استشهد ، فأميركم عبد الله بن رواحة   " ، فأخذ الراية زيد  ، فقاتل حتى قتل - رضي الله عنه - ثم أخذ الراية جعفر  ، فقاتل حتى قتل - رضي الله عنه - ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة  ، فقاتل - ولم يذكر أنه قتل ، وأرى ذلك سقط من  ابن أبي داود  ، وممن سواه من رواة هذا الحديث - ثم أخذ الراية خالد بن الوليد  ، ففتح الله - عز وجل - عليه ، فأتى خبرهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فخرج إلى الناس ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : إن إخوانكم قد لقوا العدو ، وإن زيدا  أخذ الراية ، فقاتل حتى قتل ، أو استشهد ، ثم أخذ الراية بعده جعفر بن أبي  [ ص: 165 ] طالب  ، فقاتل حتى قتل ، أو استشهد ، ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة  ، فقاتل حتى قتل ، أو استشهد ، ثم أخذ الراية من بعده سيف من سيوف الله - عز وجل - خالد بن الوليد  ، ففتح الله عليه " . ثم أمهل آل جعفر  لم يأتهم ، ثم أتاهم ، فقال : " لا تبكوا على أخي بعد اليوم ، ادع لي بني أخي " . فجيء بنا كأنا أفرخ ، فقال : " ادعوا لي الحلاق " ، فجيء بالحلاق ، فحلق رؤوسنا ، ثم قال : أما محمد  فيشبه عمي أبا طالب  ، وأما عون فيشبه خلقي وخلقي " . 
ثم قال : " اللهم اخلف جعفرا  في أهله ، وبارك لعبد الله في صفقة يمينه " ، ثلاث مرات ، فجاءت أمنا ، فذكرت يتمنا ، فقال : " العيلة تخافين عليهم ؟ فأنا وليهم في الدنيا والآخرة   . 
 [ ص: 166 ] 
 5170  - وحدثنا فهد  ، قال : حدثنا  أبو نعيم  ، قال : حدثنا الأسود بن شيبان  ، قال : حدثني خالد بن سمير  ، قال : حدثني عبد الله بن رباح  ، قال : حدثني  أبو قتادة  ، قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيش الأمراء ، فقال : " عليكم زيد بن حارثة  ، فإن أصيب ، فجعفر  ، فإن أصيب جعفر  ، فعبد الله بن رواحة   " . فوثب جعفر  ، فقال : يا رسول الله ، ما كنت أذهب أن تقدم زيدا  علي ! فقال : " امض ، فإنك لا تدري أي ذلك خير " ، فانطلقوا ، فلبثوا ما شاء الله ، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صعد المنبر ، فنادى : الصلاة جامعة ، فثار الناس إلى رسول الله ، فقال : " أخبركم عن جيشكم هذا الغازي : إنهم انطلقوا حتى لقوا العدو ، فأخذ اللواء زيد بن حارثة  ، فقاتل حتى قتل شهيدا - فاستغفر له - ثم أخذ اللواء جعفر  ، فشد على القوم ، فقاتل حتى قتل شهيدا رحمه الله " فشهد له بالشهادة واستغفر له ، " ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة  ، فأثبت قدميه حتى قتل شهيدا - فاستغفر له - ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد  ، ولم يكن من الأمراء هو أمر نفسه " . 
ثم مد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه ، فقال : " إنه سيف من سيوفك ، فأنت  [ ص: 167 ] تنصره " فمنذ يومئذ سمي خالد  سيف الله ، ثم قال رسول الله : انفروا فمدوا إخوانكم ، ولا يتخلفن منكم أحد . فنفروا في حر شديد مشاة وركبانا ، فبينا نحن نسير ليلة على الطريق ، إذ نعس النبي - صلى الله عليه وسلم   - . 
ووقف على هذا من الحديث ، ففي هذا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل بعض الأمراء واليا بعد قتل غيره ممن ذكره منهم ، فكان من كان منهم كذلك واليا بمخاطرة ولي عليها ، وفي ذلك ما قد دل أنه يجوز للإمام أن يقول : إذا كان كذا وكذا ، فقد وليت فلانا كذا ، وإذا كان ذلك جائزا في الولاية ، كان مثله جائزا في الوكالة ، كما يقول  أبو حنيفة  وأصحابه في الرجل ، يقول : إذا كان كذا ، ففلان وكيلي في ذلك ، وإن كان لهم فيه من أهل الفقه مخالفون . 
وفي هذا الحديث أيضا ما كان من خالد  رضي الله عنه بلا تولية لما رأى من الحاجة إلى ذلك ، ففي هذا ما قد دل على أن ما حدث من أمور المسلمين مما شغل إمامهم عن التولية عليه ، أنه جائز لمن  [ ص: 168 ] يتولى على القيام بذلك القيام به ، بل عليه القيام به ، وعلى الناس السمع والطاعة فيه ، وقد امتثل ذلك  علي بن أبي طالب  عليه السلام في صلاة العيد لما حصر عثمان  رضي الله عنه عنها ومنعها ، فصلى هو بالناس . 
كما حدثنا  المزني  ، قال : حدثنا  الشافعي  ، قال : أخبرنا  مالك  ، عن  ابن شهاب  ، عن أبي عبيد - مولى ابن أزهر   - قال : شهدت العيد مع  علي بن أبي طالب  عليه السلام ،  وعثمان  محصور ، فجاء فصلى ، ثم انصرف ، فخطب   . 
قال  أبو جعفر   : وكان ذلك من علي  عليه السلام لما خاف أن لا يكون للناس يومئذ صلاة عيد ، وقد كان محمد بن الحسن   - ومن أصله : أن الجمعة لا تقوم إلا بسلطان - قد قال في السلطان يشغله عنها أمر مما يخاف فوته من أمور المسلمين ، ولا يحضر أحد من قبله ممن يكون له القيام بها : أن من قدر على القيام بها من الناس ، قام بها ، فيكون في قيامه بها كقيامه لو قام بها بأمر السلطان الذي إليه القيام بها ، وعلى الناس سواه اتباعه في ذلك . 
وكان  أبو حنيفة  وأبو يوسف  يخالفان محمدا  فيما قال من هذا ، والقول عندنا في ذلك كما قال ، لا كما قالا . 
 [ ص: 169 ] وقد روي في هذا الباب مما يدخل فيما كان من خالد  مما ذكر فيه . 
 5171  - ما قد حدثنا  إسحاق بن إبراهيم بن يونس  ، قال : حدثنا  داود بن رشيد  ، قال : حدثنا  ابن علية  ، قال : حدثنا  أيوب  ، عن  حميد بن هلال  ، عن  أنس بن مالك  ، قال : خطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أخذ الراية زيد  فأصيب ، ثم أخذها جعفر  فأصيب ، ثم أخذها عبد الله بن رواحة  فأصيب ، ثم أخذها خالد بن الوليد  عن غير إمرة ، ففتح الله عليه " . قال : وإن عينيه تذرفان . قال : " وما سرني أنهم عندنا " ، أو قال : " ما يسرهم أنهم عندنا  شك أيوب . 
والله - عز وجل - نسأله التوفيق . 
				
						
						
