الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
أبو أحمد القصاب

560 - قال العلامة أبو أحمد الكرجي في "عقيدته" التي ألفها، فكتبها الخليفة القادر بالله، وجمع الناس عليها، وأمر - وذلك في صدر المائة الخامسة، وفي آخر أيام الإمام أبي حامد الإسفرائيني شيخ الشافعية ببغداد - وأمر باستتابة من خرج عنها من معتزلي ورافضي وخارجي فمما قال فيها: "كان ربنا - عز وجل - وحده لا شيء معه، ولا مكان يحويه: فخلق كل شيء بقدرته، وخلق العرش لا لحاجة إليه، فاستوى عليه استواء استقرار، كيف شاء وأراد، لا استقرار راحة كما يستريح الخلق".

‏ * قلت: ليته حذف "استواء استقرار"، وما بعده فإن ذلك لا فائدة فيه بوجه، والباري منزه عن الراحة والتعب - إلى أن قال: ولا يوصف إلا ما وصف به نفسه أو وصفه به نبيه، فهي صفة حقيقة لا مجازا.

قلت : وكان أيضا يسعه السكوت عن "صفة حقيقة"، فإننا إذا أثبتنا نعوت الباري وقلنا تمر كما جاءت. فقد آمنا بأنها صفات، فإذا قلنا بعد ذلك: صفة حقيقة وليست بمجاز، كان هذا كلاما ركيكا نبطيا، مغلثا للنفوس فليهدر، مع أن هذه العبارة وردت عن جماعة، ومقصودهم بها أن هذه الصفات تمر، ولا يتعرض لها بتحريف ولا تأويل، كما يتعرض لمجاز الكلام، والله أعلم.

وقد أغنى الله تعالى عن العبارات المبتدعة، فإن النصوص في الصفات واضحة، ولو كانت الصفات ترد إلى المجاز لبطل أن يكون صفات لله، وإنما الصفة تابعة للموصوف، [ ص: 240 ] فهو موجود حقيقة لا مجازا، وصفاته ليست مجازا، فإذا كان لا مثل له ولا نظير لزم أن تكون لا مثل لها. وإنما شهر الإمام أبو أحمد ، بالقصاب، لكثرة من قتل في الغزو من الكفار. وكان من أئمة الحديث في حدود الأربعمائة . [ ص: 241 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية