الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
الشيخ أبو البيان

* كان الشيخ الإمام القدوة أبو البيان محمد بن محفوظ السلمي الحوراني ثم الدمشقي الشافعي، اللغوي شيخ الفقراء البيانية، لهجا بإثبات الصفات، منافرا لذوي الكلام، ذاما للنفاة، له أشياء في هذا المعنى.

594 - أخبرنا عبد الخالق بن عبد السلام القاضي، أخبرنا الإمام أبو محمد بن قدامة ، قال حدثني أبو المعالي أسعد بن المنجا، قال: "كنت يوما عند الشيخ أبي البيان - رحمه الله تعالى - فجاءه ابن تميم الذي يدعى [ ص: 266 ] الشيخ الأمين، فقال له الشيخ: بعد كلام جرى بينهما: ويحك; الحنابلة إذا قيل لهم: ما الدليل على أن القرآن بحرف وصوت؟ قالوا: قال الله كذا وقال رسوله كذا - وسرد الشيخ الآيات والأخبار - وأنتم إذا قيل لكم: ما الدليل على أن القرآن معنى في النفس؟ قلتم: قال الأخطل: "إن الكلام لفي الفؤاد، إيش هذا الأخطل؟ نصراني خبيث بنيتم مذهبكم على بيت شعر من قوله، وتركتم الكتاب والسنة.

قال أبو محمد الخشاب، نحوي العراق : فتشت شعر الأخطل المدون كثيرا، فما وجدت هذا البيت".

‏ * قلت: مسألة الكلام لها موضع آخر وهي غامضة; لكن يكفي المسلم أن يؤمن بالقرآن العظيم - جل منزله - (أنه) كلام الله غير مخلوق، وأنه عين ما تكلم به منشيه، ومبتديه - عز وجل - مع اعترافنا بأن تلاوتنا له، وأصواتنا وتلفظنا به مخلوق، وتكلم الرب به صفة من صفاته، التي من لوازم ذاته المقدسة، فلا نعلم كيفية ذلك، وكلمات الله لا تنفد، ولو كان البحر مدادا لها، ويمده من بعده سبعة أبحر، فكلامه من علمه; وعلمه لا يتناهى، فلا نحيط بشيء من علمه إلا بما شاء.

توفي الشيخ أبو البيان في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة.

التالي السابق


الخدمات العلمية