الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
ابن موهب

592 - قال العلامة أبو بكر محمد بن موهب المالكي، في "شرحه لرسالة الإمام أبي محمد بن أبي زيد": أما قوله: (إنه فوق عرشه المجيد بذاته) ، فمعنى فوق وعلى عند جميع العرب واحد، وفي الكتاب والسنة تصديق ذلك وهو قوله تعالى: ( ثم استوى على العرش ) ، وقال: ( الرحمن على العرش استوى ) ، وقال: ( يخافون ربهم من فوقهم ) ، وساق حديث الجارية والمعراج إلى سدرة المنتهى.

إلى أن قال: وقد تأتي لفظة "في" في لغة العرب بمعنى فوق، كقوله: ( فامشوا في مناكبها ) و ( في جذوع النخل ) و ( أأمنتم من في السماء ) ، قال أهل التأويل: يريد فوقها، وهو قول مالك مما فهمه عمن أدرك من التابعين، مما فهموه عن الصحابة مما فهموه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أن الله في السماء، يعني فوقها وعليها، فلذلك قال الشيخ أبو محمد : (إنه فوق عرشه) ، ثم بين أن علوه فوق عرشه إنما هو بذاته; لأنه تعالى بائن عن جميع خلقه، بلا كيف، وهو في كل مكان بعلمه لا بذاته، لا تحويه الأماكن، وأنه أعظم منها، وقد كان ولا مكان...".

ثم سرد كلاما طويلا إلى أن قال: "فلما أيقن المنصفون إفراد ذكره بالاستواء على عرشه، بعد خلق سماواته وأرضه، وتخصيصه بصفة الاستواء، علموا أن الاستواء هنا غير الاستيلاء ونحوه، فأقروا بوصفه بالاستواء على عرشه، وأنه على الحقيقة لا على المجاز; لأنه الصادق في قيله، ووقفوا عن تكييف ذلك وتمثيله، إذ ليس كمثله شيء". [ ص: 265 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية