الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[خروج مؤنس ثانية وقتل المقتدر ]

وفي سنة عشرين : ركب مؤنس على المقتدر ، وكان معظم جند مؤنس البربر ، فلما التقى الجمعان . . . رمى بربري المقتدر بحربة سقط منها إلى الأرض ، ثم ذبحه بالسيف ، وشيل رأسه على رمح ، وسلب ما عليه ، وبقي مكشوف العورة حتى ستر بالحشيش ، ثم حفر له في الموضع ودفن ، وذلك يوم الأربعاء لثلاث بقين من شوال .

وقيل : (إن وزيره أخذ له ذلك اليوم طالعا ، فقال له المقتدر : أي وقت [ ص: 594 ] هو ؟ قال : وقت الزوال ، فتطير وهم بالرجوع ، فأشرفت خيل مؤنس ، ونشبت الحرب .

وأما البربري الذي قتله . . . فإن الناس صاحوا عليه ، فسار نحو دار الخلافة ليخرج القاهر ، فصادفه حمل شوك ، فزحمه إلى قنار لحام فعلقه كلاب ، وخرج الفرس في مشواره من تحته فمات; فحطه الناس وأحرقوه بالحمل والشوك ) .

وكان المقتدر جيد العقل ، صحيح الرأي; لكنه كان مؤثرا للشهوات والشرب ، مبذرا ، وكان النساء غلبن عليه ، فأخرج عليهن جميع جواهر الخلافة ونفائسها ، وأعطى بعض حظاياه الدرة اليتيمة ووزنها ثلاثة مثاقيل ، وأعطى زيدان القهرمان سبحة جوهر لم ير مثلها ، وأتلف أموالا كثيرة .

وكان في داره أحد عشر ألف غلام خصيان; غير الصقالبة والروم والسود ، وخلف اثني عشر ولدا ذكرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية