قال  أبو عبد الله :  وقال الله : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى   ) ، فأوجب بينهم القصاص باسم الإيمان ، والقصاص لا يجب إلا على من  [ ص: 548 ] قتل متعمدا ،  ثم قال : ( فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان   ) ، فجعل القاتل أخا المقتول في الإيمان ، فدل على أنهما جميعا مؤمنان في الاسم ، والحكم . 
 604  - حدثنا حميد بن مسعدة ،  ثنا  يزيد بن زريع ،  عن سعيد ،  عن  قتادة :  
1 - قوله : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى   ) ، قال : كان أهل الجاهلية فيهم بغي ، وطاعة للشيطان ، فكان الحي منهم إذا كان فيهم عدة ، ومنعة ، فقتل عبد قوم آخرين عبدا لهم ، قالوا : لا نقتل به إلا حرا تعززا بفضلهم على غيرهم في أنفسهم ، فإذا قتلت لهم امرأة قتلتها امرأة قوم آخرين ، قالوا : لا نقتل بها إلا رجلا ، فأنزل الله هذه الآية : ( الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى   ) ، ونهاهم عن البغي . 
ثم أنزل الله في سورة المائدة بعد ذلك : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص   ) " . 
2 - قوله : ( فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان   ) .  [ ص: 549 ] 
يقول : من قتل عمدا فعفي عنه ، وقبلت منه الدية ، يقول : ( فاتباع بالمعروف   ) ، فأمر المتبع أن يتبع بمعروف ، وأمر المؤدي أن يؤدي بإحسان ، والعمد قود اليد قصاص ، لا عقل فيه إلا أن يرضوا بذلك   " . 
3 - قوله : ( تخفيف من ربكم ورحمة   ) ، وإنما هي رحمة رحم الله بها هذه الأمة ، أطعمهم الدية ، وأحلها لهم ، ولم تحل لأحد قبلهم ،  فكان في التوراة إنما هو قصاص ، أو عفو ، ليس بينهما أرش ، وكان أهل الإنجيل إنما هو عفو أمروا به ، وجعل الله لهذه الأمة العفو ، أو القود ، أو الدية إن شاؤوا ، وأحلها لهم ، ولم تكن لأمة قبلهم " . 
4 - " ( فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم   ) يقول : من اعتدى بعد أخذه الدية ، فقتل ( فله عذاب أليم   ) " . 
5 - قوله : " ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون   ) جعل الله هذا القصاص حياة ، ونكالا ، وعظة لأهل السفه ، والجهل ،  كم من رجل قد هم بداهية لولا مخافة القصاص لوقع بها ، ولكن الله تبارك وتعالى حجز بالقصاص بعضهم عن بعض ، وما أمر الله بأمر قط إلا وهو أمر صلاح في الدنيا ، والآخرة ، ولا نهى الله عز وجل عن أمر إلا وهو أمر فساد في الدنيا ، وفي الدين ، والله أعلم بالذي  [ ص: 550 ] يصلح خلقه " . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					