الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال أبو عبد الله : والأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دالة على أن الإيمان ، والإسلام يفترقان ، لأنه دل على الإيمان بما دل على الإسلام ، قال في حديث عمر لجبريل حين سأله عن الإسلام : الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله " ، وما ذكر مع الشهادتين من الفرائض .

وقال ابن عمر : وجرير بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس " ، ثم قال في حديث ابن عباس لوفد عبد القيس : " أتدرون ما الإيمان " ، فذكر الحديث . وقال في حديث أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " الإيمان بضع وسبعون " ، فسمى الإسلام بما سمى به [ ص: 715 ] الإيمان ، وسمى الإيمان بما سمى به الإسلام .

ومما يزيد ذلك بيانا قوله : " لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه " ، وقال في حديث آخر : " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده " ، والبوائق لا تكون إلا باللسان ، واليد ، فسمى الإيمان بما سمى به الإسلام ، لأن من أمن جاره بوائقه ، فقد سلم من لسانه ويده ، ومن لا يسلم جاره من لسانه ويده لا يأمن بوائقه ، وقال : " المؤمن من أمنه الناس على أنفسهم ، وأموالهم ، فمن سلم الناس من لسانه ويده أمنوه على أموالهم ، وأنفسهم " ، فدل النبي صلى الله عليه وسلم بسنته على أن الإيمان والإسلام لا يفترقان ، وأن المسلم هو المؤمن ، فليس لأحد أن يفرق بين اسمين دل النبي صلى الله عليه وسلم عليهما بمعنى واحد ، يجعلهما معنيين مختلفين ، ومن فرق بينهما ، فقد عارض سنة النبي صلى الله عليه وسلم بالرد ، إلا أن أحدهما أصل للآخر لا ينفك أحدهما عن الآخر ، لأن أصل الإيمان هو التصديق ، وعنه يكون الخضوع ، فلا يكون مصدقا إلا [ ص: 716 ] خاضعا ، ولا خاضعا إلا مصدقا ، وعنهما تكون الأعمال التي وصف النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام ، وتسمى من قام بها بالإيمان ، والإسلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية