حكاية قول
الرافضة فيها :
وقالت
الرافضة بمثل قول
المعتزلة ، إلا طائفة منها ذهبت إلى ما روي عن
محمد بن علي أبي جعفر أنه يخرج من الإيمان إلى الإسلام ، وأجمع هؤلاء كلهم على أن أحكام المؤمنين جائزة عليهم ، مع نفيهم اسم الإيمان عنهم ، وفي هذا من التناقض واختلاف القول ما قد بيناه .
وأما احتجاجهم بقول الله تبارك وتعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=14قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ) ، وبحديث
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص أنه
قال لرجل : أراه مؤمنا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أو مسلم ؟ " ، فإن ذلك ليس بخلاف مذهبنا ، وذلك أنا نقول : إن
nindex.php?page=treesubj&link=28649الرجل قد يسمى مسلما على وجهين : أحدهما أن يخضع لله بالإيمان ، والطاعة تدينا بذلك ، يريد الله بإخلاص نية ،
[ ص: 554 ] والجهة الأخرى أن يخضع ، ويستسلم للرسول ، وللمؤمنين خوفا من القتل ، والسبي ، فيقال : قد أسلم أي خضع خوفا ، وتقية ، ولم يسلم لله ، وليس هذا بالإسلام الذي اصطفاه الله ، وارتضاه ، الذي هو الإيمان الذي دعا الله العباد إليه ، والدليل على ذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=14قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) يريد : ولم يدخل الإيمان في قلوبكم ، نظير ذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=3وآخرين منهم لما يلحقوا بهم ) يريد : لم يلحقوا بهم ، وغير جائز أن يخبر الله عن من أتى بالإسلام الذي هو دين الله الذي لا يقبل دينا غيره ، ولا يقبل عملا إلا به ، أن الإيمان لم يدخل قلبه ، لأن من لم يدخل الإيمان في قلبه ، وهو كافر بالله ، فكيف يكون كافرا بالله مسلما لله ؟ هذا من المحال الذي لا يجوز أن يكون ، فثبت بما ذكرناه أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=14أسلمنا ) إنما هو استسلمنا للناس مخافة السبي ، والقتل .
607 - وكذلك حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13568محمد بن يحيى ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14898محمد بن يوسف ، ثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، في قوله : " (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=14قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ، ولكن قولوا أسلمنا ) ، قال : " استسلمنا خوف السبي ، والقتل " .
[ ص: 555 ]
حِكَايَةُ قَوْلِ
الرَّافِضَةِ فِيهَا :
وَقَالَتِ
الرَّافِضَةُ بِمِثْلِ قَوْلِ
الْمُعْتَزِلَةِ ، إِلَّا طَائِفَةً مِنْهَا ذَهَبَتْ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ الْإِيمَانِ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَأَجْمَعَ هَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ أَحْكَامَ الْمُؤْمِنِينَ جَائِزَةٌ عَلَيْهِمْ ، مَعَ نَفْيِهِمُ اسْمَ الْإِيمَانِ عَنْهُمْ ، وَفِي هَذَا مِنَ التَّنَاقُضِ وَاخْتِلَافِ الْقَوْلِ مَا قَدْ بَيَّنَّاهُ .
وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=14قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ) ، وَبِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ
قَالَ لِرَجُلٍ : أُرَاهُ مُؤْمِنًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوْ مُسْلِمٌ ؟ " ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِخِلَافِ مَذْهَبِنَا ، وَذَلِكَ أَنَّا نَقُولُ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28649الرَّجُلَ قَدْ يُسَمَّى مُسْلِمًا عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَخْضَعَ لِلَّهِ بِالْإِيمَانِ ، وَالطَّاعَةِ تَدَيُّنًا بِذَلِكَ ، يُرِيدُ اللَّهَ بِإِخْلَاصِ نِيَّةٍ ،
[ ص: 554 ] وَالْجِهَةُ الْأُخْرَى أَنْ يَخْضَعَ ، وَيَسْتَسْلِمَ لِلرَّسُولِ ، وَلِلْمُؤْمِنِينَ خَوْفًا مِنَ الْقَتْلِ ، وَالسَّبْيِ ، فَيُقَالُ : قَدْ أَسْلَمَ أَيْ خَضَعَ خَوْفًا ، وَتَقِيَّةً ، وَلَمْ يُسْلِمْ لِلَّهِ ، وَلَيْسَ هَذَا بِالْإِسْلَامِ الَّذِي اصْطَفَاهُ اللَّهُ ، وَارْتَضَاهُ ، الَّذِي هُوَ الْإِيمَانُ الَّذِي دَعَا اللَّهُ الْعِبَادَ إِلَيْهِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=14قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) يُرِيدُ : وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ، نَظِيرُ ذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=3وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ) يُرِيدُ : لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُخْبِرَ اللَّهُ عَنْ مَنْ أَتَى بِالْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ دِينُ اللَّهِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ دِينًا غَيْرَهُ ، وَلَا يَقْبَلُ عَمَلًا إِلَّا بِهِ ، أَنَّ الْإِيمَانَ لَمْ يَدْخُلْ قَلْبَهُ ، لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ ، وَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ ، فَكَيْفَ يَكُونُ كَافِرًا بِاللَّهِ مُسْلِمًا لِلَّهِ ؟ هَذَا مِنَ الْمُحَالِ الَّذِي لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ، فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=14أَسْلَمْنَا ) إِنَّمَا هُوَ اسْتَسْلَمْنَا لِلنَّاسِ مَخَافَةَ السَّبْيِ ، وَالْقَتْلِ .
607 - وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13568مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14898مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ، ثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٍ ، فِي قَوْلِهِ : " (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=14قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا ، وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ) ، قَالَ : " اسْتَسْلَمْنَا خَوْفَ السَّبْيِ ، وَالْقَتْلِ " .
[ ص: 555 ]