جماع تفسير النصيحة :
* قال
nindex.php?page=showalam&ids=17032أبو عبد الله : قال بعض أهل العلم : جماع تفسير
nindex.php?page=treesubj&link=18245النصيحة هو عناية القلب للمنصوح له من كان ، وهي على وجهين : أحدهما فرض ، والآخر نافلة ،
nindex.php?page=treesubj&link=18245فالنصيحة المفترضة لله هي شدة العناية من الناصح باتباع محبة الله في أداء ما افترض ، ومجانبة ما حرم ، وأما النصيحة التي هي نافلة ، فهي إيثار محبته على محبة نفسه ، وذلك أن يعرض أمران : أحدهما لنفسه ، والآخر لربه ، فيبدأ بما كان لربه ، ويؤخر ما كان لنفسه ، فهذه جملة تفسير النصيحة له ، الفرض منه ، والنافلة ، وكذلك تفسير سنذكر بعضه ليفهم بالتفسير من لا يفهم الجملة ، فالفرض منها مجانبة نهيه ، وإقامة فرضه بجميع جوارحه ، ما كان مطيعا له ، فإن عجز عن القيام بفرضه لآفة حلت به ، من مرض ، أو حبس
[ ص: 692 ] أو غير ذلك ، عزم على أداء ما افترض عليه ، متى زالت عنه العلة المانعة له ، قال الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل ) ، فسماهم محسنين نصيحتهم لله بقلوبهم ، لما منعوا من الجهاد بأنفسهم ، وقد يرفع الأعمال كلها عن العبد في بعض الحالات ، ولا يرفع عنهم النصح لله لو كان من المرض بحال لا يمكنه عمل بشيء من جوارحه بلسان ، ولا غيره ، غير أن عقله ثابت لم يسقط عنه النصح لله بقلبه ، وهو أن يندم على ذنوبه ، وينوي إن يصح أن يقوم بما افترض الله عليه ، ويتجنب ما نهاه عنه ، وإلا كان غير ناصح لله بقلبه ، وكذلك النصح لله ، ولرسوله فيما أوجبه على الناس على أمر ربه .
ومن النصح الواجب لله أن لا يرضى بمعصية العاصي ، ويحب طاعة من أطاع الله ، ورسوله .
وأما النصيحة التي هي نافلة لا فرض : فبذل المحمود بإيثار الله على كل محبوب بالقلب ، وسائر الجوارح حتى لا يكون في الناصح فضلا عن غيره ، لأن الناصح إذا اجتهد لمن ينصحه لم يؤثر نفسه عليه ، وقام بكل ما كان في القيام به سروره ، ومحبته ، فكذلك الناصح لربه ، ومن تنفل لله بدون الاجتهاد ، فهو ناصح على قدر عمله غير محق للنصح بالكمال .
[ ص: 693 ]
جِمَاعُ تَفْسِيرِ النَّصِيحَةِ :
* قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17032أَبُو عَبْدِ اللَّهِ : قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : جِمَاعُ تَفْسِيرِ
nindex.php?page=treesubj&link=18245النَّصِيحَةِ هُوَ عِنَايَةُ الْقَلْبِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ مَنْ كَانَ ، وَهِيَ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا فَرْضٌ ، وَالْآخَرُ نَافِلَةٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=18245فَالنَّصِيحَةُ الْمُفْتَرَضَةُ لِلَّهِ هِيَ شِدَّةُ الْعِنَايَةِ مِنَ النَّاصِحِ بِاتِّبَاعِ مَحَبَّةِ اللَّهِ فِي أَدَاءِ مَا افْتَرَضَ ، وَمُجَانَبَةِ مَا حَرَّمَ ، وَأَمَّا النَّصِيحَةُ الَّتِي هِيَ نَافِلَةٌ ، فَهِيَ إِيثَارُ مَحَبَّتِهِ عَلَى مَحَبَّةِ نَفْسِهِ ، وَذَلِكَ أَنْ يَعْرِضَ أَمْرَانِ : أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ ، وَالْآخَرُ لِرَبِّهِ ، فَيَبْدَأُ بِمَا كَانَ لِرَبِّهِ ، وَيُؤَخِّرُ مَا كَانَ لِنَفْسِهِ ، فَهَذِهِ جُمْلَةُ تَفْسِيرِ النَّصِيحَةِ لَهُ ، الْفَرْضُ مِنْهُ ، وَالنَّافِلَةُ ، وَكَذَلِكَ تَفْسِيرٌ سَنَذْكُرُ بَعْضَهُ لِيَفْهَمَ بِالتَّفْسِيرِ مَنْ لَا يَفْهَمَ الْجُمْلَةَ ، فَالْفَرْضُ مِنْهَا مُجَانَبَةُ نَهْيِهِ ، وَإِقَامَةُ فَرَضِهِ بِجَمِيعِ جَوَارِحِهِ ، مَا كَانَ مُطِيعًا لَهُ ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ بِفَرْضِهِ لِآفَةٍ حَلَّتْ بِهِ ، مِنْ مَرَضٍ ، أَوْ حَبْسٍ
[ ص: 692 ] أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، عَزَمَ عَلَى أَدَاءِ مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِ ، مَتَى زَالَتْ عَنْهُ الْعِلَّةُ الْمَانِعَةُ لَهُ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=91لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) ، فَسَمَّاهُمْ مُحْسِنِينَ نَصِيحَتُهُمْ لِلَّهِ بِقُلُوبِهِمْ ، لَمَّا مُنِعُوا مِنَ الْجِهَادِ بِأَنْفُسِهِمْ ، وَقَدْ يَرْفَعُ الْأَعْمَالَ كُلَّهَا عَنِ الْعَبْدِ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ ، وَلَا يَرْفَعُ عَنْهُمُ النُّصْحَ لِلَّهِ لَوْ كَانَ مِنَ الْمَرَضِ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ عَمَلٌ بِشَيْءٍ مِنْ جَوَارِحِهِ بِلِسَانٍ ، وَلَا غَيْرِهِ ، غَيْرَ أَنَّ عَقْلَهُ ثَابِتٌ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ النُّصْحَ لِلَّهِ بِقَلْبِهِ ، وَهُوَ أَنْ يَنْدَمَ عَلَى ذُنُوبِهِ ، وَيَنْوِي إِنْ يَصِحَّ أَنْ يَقُومَ بِمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَيَتَجَنَّبُ مَا نَهَاهُ عَنْهُ ، وَإِلَّا كَانَ غَيْرَ نَاصِحٍ لِلَّهِ بِقَلْبِهِ ، وَكَذَلِكَ النُّصْحُ لِلَّهِ ، وَلِرَسُولِهِ فِيمَا أَوْجَبَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى أَمْرِ رَبِّهِ .
وَمِنَ النُّصْحِ الْوَاجِبِ لِلَّهِ أَنْ لَا يَرْضَى بِمَعْصِيَةِ الْعَاصِي ، وَيُحِبُّ طَاعَةَ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ ، وَرَسُولَهُ .
وَأَمَّا النَّصِيحَةُ الَّتِي هِيَ نَافِلَةٌ لَا فَرْضٌ : فَبَذْلُ الْمَحْمُودِ بِإِيثَارِ اللَّهِ عَلَى كُلِّ مَحْبُوبٍ بِالْقَلْبِ ، وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ حَتَّى لَا يَكُونَ فِي النَّاصِحِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ ، لِأَنَّ النَّاصِحَ إِذَا اجْتَهَدَ لِمَنْ يَنْصَحُهُ لَمْ يُؤْثِرْ نَفْسَهُ عَلَيْهِ ، وَقَامَ بِكُلِّ مَا كَانَ فِي الْقِيَامِ بِهِ سُرُورُهُ ، وَمَحَبَّتُهُ ، فَكَذَلِكَ النَّاصِحُ لِرَبِّهِ ، وَمَنْ تَنَفَّلَ لِلَّهِ بِدُونِ الِاجْتِهَادِ ، فَهُوَ نَاصِحٌ عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِ غَيْرُ مُحِقٍّ لِلْنُصْحِ بِالْكَمَالِ .
[ ص: 693 ]