ثم دخلت سنة ست وخمسين ومائتين 
فمن الحوادث فيها: 
أن موسى بن بغا  دخل سامراء  يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم ،   والمهتدي   [يومئذ] قد جلس للمظالم ، فأقاموه عن مكانه ، وحملوه على دابة من دواب الشاكرية ، وانتهبوا ما كان في الجوسق من دواب الخاصة ، فأدخلوه دارا ، فجعل  المهتدي  يقول لموسى:  ما تريد؟ ويحك! اتق الله عز وجل ، فإنك تركب أمرا عظيما . فقال موسى:  ما نريد إلا خيرا . فأخذوا عليه العهود والمواثيق أنه لا يمالئ صالحا عليهم ، ولا يضمر لهم إلا مثل ما يظهر ففعل ذلك ، فجددوا له البيعة ليلة الثلاثاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم . وأصبحوا يوم الثلاثاء ، فوجهوا إلى صالح  أن يحضرهم ، فوعدهم أن يحضر ، ثم استتر ، فأظهر النداء عليه ، ثم قتل لثمان بقين من صفر . 
وولى سليمان بن عبد الله بن طاهر  بغداد  والسواد ، ووجه إليه بخلع  [ ص: 101 ] كثيرة ، وكان الأتراك قد تحدثوا بخلع  المهتدي   [فبلغه] ، فخرج إليهم متقلدا سيفا وقال: قد بلغني ما أنتم عليه من أمر ، والله ما خرجت إليكم إلا وأنا متخبط وقد أوصيت لإخوتي بولدي ، وهذا سيفي ، والله لأضربن به ما استمسك قائمه في يدي ، ما هذا الإقدام على الخلفاء والجرأة على الله عز وجل؟! سواء عندكم من أراد صلاحكم ومن إذا سمع عنكم بشيء دعا بأرطال من الشراب فشربها ، ثم تقولون إني أعلم علم صالح وما أعلم علمه . قالوا: فاحلف لنا على ذلك . قال: نعم . فورد مال فارس والأهواز ومبلغه تسعة عشر ألف [ألف] درهم وخمس مائة ألف درهم ، فانتشر في العامة [أن القوم قد عرفوا] أن يخلعوا  المهتدي  ويقتلونه ، فبعث  المهتدي  إلى العسكر ووعدهم الجميل ، وكان  المهتدي  قد كسر جميع ما في القصر من الملاهي وآلات اللعب . 
وفي هذه السنة: وافى جعلان  لحرب صاحب الزنج ، فزحف بعسكره ، فبقي بينه وبين صاحب الزنج فرسخ فخندق على نفسه ، فأقام ستة أشهر ، ولم يجد إلى لقائه سبيلا لضيق الموضع بما فيه من النخل والدغل عن محال الخيل ، فكانوا إذا التقوا لم يكن بينهم إلا الرمي بالنشاب والحجارة ، فجاء الزنج فبيتوا عسكر جعلان فقتلوا جماعة ، فترك جعلان  عسكره ، وانضم إلى البصرة ،  فظهر للسلطان عجزه ، فصرف ، وأمر سعيد  الحاجب بالشخوص لحرب الزنج . 
				
						
						
