الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

1877 - أحمد بن داود بن موسى ، أبو عبد الله السدوسي ، بصري ، ويعرف بالمكي .

[ ص: 346 ] وكان ثقة . أقام بمصر وتوفي بها في صفر هذه السنة .

1878 - إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم [أبو إسحاق] الأزدي ، مولى جرير بن حازم من أهل البصرة .

ولد سنة تسع وتسعين ومائة ، وقيل : سنة مائتين ، ونشأ بالبصرة [ وامتد عمره ، فحملت عنه علوم كثيرة ] وسمع محمد بن عبد الله الأنصاري ، ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، والقعنبي ، وابن المديني ، وغيرهم ، وروى عنه : البغوي ، وابن صاعد ، وابن الأنباري ، وغيرهم ، وكان فاضلا متقنا فقيها على مذهب مالك ، وشرح مذهبه ولخصه ، واحتج له ، وصنف "المسند" وكتبا عدة في علوم القرآن ، وجمع حديث مالك ويحيى بن سعيد الأنصاري وأيوب السختياني .

وولي القضاء في خلافة المتوكل لما مات سوار بن عبد الله ، وكان قاضي القضاة حينئذ بسر من رأى [ أبو ] جعفر بن عبد الواحد الهاشمي ، فأمره المتوكل أن يولي إسماعيل قضاء الجانب الشرقي من بغداد ، فولاه سنة ست وأربعين ومائتين ، وجمع له قضاء الجانبين بعد ذلك بسبع عشرة سنة ، ولم يزل قاضيا على عسكر المهتدي إلى سنة خمس وخمسين ومائتين ، فإن المهتدي قبض على حماد بن إسحاق أخي إسماعيل ، وضرب بالسياط وأطاف به على بغل بسر من رأى ، لشيء بلغه عنه ، وصرف إسماعيل بن إسحاق ، عن الحكم ، واستتر وكان قاضي القضاة بسر من رأى الحسن بن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب .

ثم صرف عن القضاء في هذه [ ص: 347 ] السنة ، وولي القضاء عبد الله بن نائل بن نجيح ، ثم رد الحسن بن محمد في هذه السنة إلى القضاء ، ثم استقضى المهتدي على الجانب الشرقي القاسم بن منصور التميمي نحو سبعة أشهر ، ثم قتل المهتدي فأعاد المعتمد إسماعيل بن إسحاق على الجانب الشرقي ببغداد ، في سنة ست وخمسين ، فلم يزل إلى سنة ثمان وخمسين ، ثم سأل الموفق أن ينقله إلى الجانب الغربي ، وكان على قضاء الجانب الغربي بالشرقية ، وهي الكرخ البرتي ، وعلى مدينة المنصور أحمد بن يحيى ، فأجابه إلى ذلك ، وكره ذلك قاضي القضاة ابن أبي الشوارب ، واجتهد في رد ذلك ، فما أمكنه لتمكن إسماعيل من الموفق بالله .

فأجيب إسماعيل إلى ما سأل ، ونقل البرتي إلى قضاء الشرقية إلى الجانب الشرقي وإسماعيل على الغربي بأسره إلى سنة اثنتين وستين ومائتين ، ثم جمعت بغداد بأسرها لإسماعيل بن إسحاق ، وصرف البرتي ، وقلد المدائن ، والنهروانات وقطعة من أعمال السواد ، وكان ابن أبي الشوارب قد توفي في سنة إحدى وستين فولي أخوه علي بن محمد مكانه ، وكان يدعى بقاضي القضاة ، وصار إسماعيل المقدم [ ذكره ] على سائر القضاة ، ولم يقلد قضاء القضاة إلى أن توفي .

أخبرنا القزاز ، أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال : أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب قال : أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال : سمعت محمد بن الفضل النحوي يقول : سمعت أبا الطيب عبد الله بن شاذان يقول : سمعت يوسف بن يعقوب يقول : قرأت توقيع المعتضد إلى عبيد الله بن سليمان بن وهب الوزير : (واستوص بالشيخين الخيرين الفاضلين إسماعيل بن إسحاق الأزدي ، وموسى بن إسحاق الخطمي خيرا ، فإنهما ممن إذا أراد الله بأهل الأرض سوءا دفع عنهما بدعائهما .

[ ص: 348 ] [أخبرنا القزاز ، أخبرنا أحمد بن علي الحافظ ، أخبرنا عبيد الله بن أبي الفتح ، أخبرنا إسماعيل بن سعيد العدل ، أخبرنا ] الحسين بن القاسم الكوكبي [قال : ] سمعت أبا العباس المبرد يقول : لما توفيت والدة إسماعيل بن إسحاق القاضي ركبت إليه أعزيه ، وأتوجع له ، وألفيت عنده الجلة من بني هاشم ، والفقهاء والعدول ، ومستوري مدينة السلام ، فرأيت من ولهه ما أبداه ولم يقدر على ستره ، وكل يعزيه ، وقد كاد لا يسلو ، فلما رأيت ذلك منه ابتدأت بعد التسليم فأنشدته :


لعمري لئن غال ريب الزمان فينا لقد غال نفسا حبيبة     ولكن علمي بما في الثواب
عند المصيبة ينسي المصيبة .

فتفهم كلامي واستحسنه ، ودعا بدواة وكتبه ، ورأيته بعد قد انبسط وجهه ، وزال عنه ما كان فيه من تلك الكآبة ، وشدة الجزع .

توفي إسماعيل ليلة الأربعاء لثمان بقين من ذي الحجة من هذه السنة وقت صلاة العشاء الآخرة فجأة .

1879 - إسماعيل بن محمد بن أبي كثير ، أبو يعقوب الفارسي الفسوي .

سكن بغداد ، وحدث بها عن قتيبة ، وابن راهويه ، وغيرهما . روى عنه : أبو بكر الشافعي ، وكان ثقة صدوقا . وكان على قضاء المدائن . وتوفي في شعبان هذه السنة .

1880 - [بدر بن المنذر بن بدر ، أبو بكر المغازلي ، واسمه : أحمد لكنه ، لقب ببدر فغلب عليه .

[ ص: 349 ] روى عنه النجاد ، وغيره وكان ثقة ، ويعد من الأولياء ، وكان صبورا ، وكان أحمد بن حنبل يكرمه ويقول : من مثل بدر ؟ بدر قد ملك لسانه ! توفي بدر في جمادى الأولى من هذه السنة بالجانب الغربي .

أخبرنا أبو منصور القزاز ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ، أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري ، أخبرنا محمد بن الحسين السلمي قال : قال أبو محمد الحربي كنت عند بدر المغازلي ، وكانت امرأته باعت دارا لها بثلاثين دينارا . فقال لها بدر : نفرق هذه الدنانير في إخواننا ، ونأكل رزق يوم بيوم ، فأجابته إلى ذلك فقالت : تزهد أنت ونرغب نحن؟ هذا ما لا يكون ] .

1881 - [جعفر بن محمد بن أبي عثمان ، أبو الفضل الطيالسي] .

سمع من عفان ، وعارم ، ومسدد ، ويحيى بن معين ، وغيرهم . روى عنه : ابن صاعد ، وابن مخلد ، والنجاد . وكان ثقة ثبتا صدوقا ، حسن الحفظ ، صعب الأخذ . توفي ليلة الجمعة للنصف من رمضان هذه السنة ] .

1882 - [جعفر بن محمد بن عبد الله بن بشر بن كزال ، أبو الفضل السمسار .

حدث عن عفان ، وأحمد بن حنبل ، وغيرهما . روى عنه : أبو بكر الشافعي . قال : الدارقطني ليس بالقوي . وتوفي في شوال هذه السنة ] .

1883 - [الحسين بن حميد بن الربيع بن حميد بن مالك بن سحيم ، أبو عبد الله اللخمي الخزاز الكوفي .

قدم بغداد ، وحدث بها عن أبي نعيم الفضل بن دكين ، وغيره . روى عنه : أبو [ ص: 350 ] عمرو بن السماك . وكان فهما عارفا ، له كتاب مصنف في التاريخ . توفي في ذي الحجة من هذه السنة ] .

1884 - [الحسين بن محمد بن عبد الرحمن ، أبو علي الخياط .

صاحب بشر الحافي ، كتب الناس عنه شيئا من الحكايات ، وأطرافا من الحديث ، وتوفي في شوال هذه السنة .

1885 - [الحارث بن محمد بن أبي أسامة ، أبو محمد التميمي .

ولد في شوال سنة ست وثمانين ومائة ، وسمع علي بن عاصم ، ويزيد بن هارون ، وروح بن عبادة ، وعفان بن مسلم . روى عنه : أبو بكر بن أبي الدنيا ، وابن جرير ، وابن مخلد ، والنجاد ، وأبو بكر الشافعي ، والخلدي ، وكان صدوقا ثقة . وتوفي يوم عرفة من هذه السنة وقد بلغ ستا وتسعين سنة ] .

1886 - [خالد بن يزيد بن وهب بن جرير بن حازم ، أبو الهيثم الأزدي .

حدث عن أبيه . روى عنه : محمد بن خلف بن المرزبان ، كان ينزل في مدينة المنصور ، ثم خرج إلى البصرة . فتوفي بها في هذه السنة ] .

1887 - خمارويه بن أحمد بن طولون .

عقدت له الولاية على مصر وأعمال أبيه بعد موته ، فأنفذ الموفق ابنه المعتضد لمحاربته ، فالتقيا في شوال سنة إحدى وسبعين ومائتين بالصعيد ، فانكسر خمارويه ، وركب حمارا هاربا إلى مصر ووضع أصحاب المعتضد بالله السلاح ، وهم يظنون [ ص: 351 ] أنهم لا طالب لهم ، فخرج كمين لخمارويه عليهم ، فانهزموا ، وذهب ما كان في العسكر من الأموال والسلاح ، ثم إن المعتضد تزوج بابنة خمارويه ، وجاء بها ابن الجصاص ، فوجه المعتضد معه إلى خمارويه هدايا ، وأودعه رسالة ، فشخص بها ابن الجصاص ، فلما وصل سامرا وصل الخبر إلى المعتضد أن بعض خدم خمارويه ذبحه على فراشه في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين ، وكان عمره اثنتين وثلاثين سنة ، وقتل من أصحابه الذين اتهموا بقتله نيف وعشرون خادما .

1888 - الفضل بن محمد بن المسيب بن موسى بن زهير بن يزيد بن كيسان بن باذان - وهو ملك اليمن الذي أسلم بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - أبو محمد الشعراني .

كان أديبا فقيها عابدا ، كثير الرحلة في طلب الحديث ، فهما عارفا بالرجال . سمع بمصر ، والحجاز ، والشام ، والكوفة ، والبصرة ، وواسط ، والجزيرة ، وخراسان ، وسأل يحيى بن معين عن الرجال ، وسأل علي بن المديني ، وأحمد بن حنبل عن العلل وأخذ اللغة عن ابن الأعرابي ، وقرأ القرآن على خلف بن هشام ، وكان ثقة صدوقا .

1889 - محمد بن أحمد بن حميد بن نعيم بن شماس .

مروزي الأصل ، سمع عفان بن مسلم ، وسليمان بن حرب ، وعبد الصمد بن حسان ، وغيرهم .

[أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، أخبرنا أحمد بن علي] الخطيب قال : كان ثقة وذكره الدارقطني فقال : لا بأس به ، وتوفي في هذه السنة .

[ ص: 352 ] 1890 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عمارة بن القعقاع ، أبو قبيصة الضبي .

روى عنه : ابن السماك ، وأبو بكر الشافعي ، وكان ثقة ، وذكره الدارقطني فقال : لا بأس به .

أخبرنا [عبد الرحمن بن محمد] أبو منصور القزاز أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال : حدثني الحسن بن أبي طالب ، حدثنا يوسف بن عمر القواس ، قال : حدثنا إسماعيل بن علي قال : قال [ لنا ] أبو قبيصة : تزوجت أم أولادي هؤلاء ، فلما كان بعد الأملاك بأيام قصدتهم للسلام ، فاطلعت من شق الباب فرأيتها فأبغضتها ، وهي معى منذ ستين سنة ، قال إسماعيل : كان هذا الشيخ من أدرس من رأيناه للقرآن ، سألته عن أكثر ما قرأه في يوم [ من أيام الصيف الطوال ] وكان يوصف بكثرة الدرس ، وسرعته ، فامتنع فلم يخبرني ، فلم أزل حتى قال : إنه قرأ في يوم من أيام الصيف الطوال أربع ختمات ، وبلغ في الخامسة إلى براءة ، وأذن المؤذن العصر ، وكان من أهل الصدق . توفي في ربيع الأول [ من هذه السنة ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية