الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 339 ] ثم دخلت سنة إحدى وثمانين ومائتين

فمن الحوادث فيها :

أن المسلمين دخلوا بلاد الروم ، ففتحوا بعضها ، ثم عادوا فغزوهم فغنموا وظفروا .

وفيها : غارت المياه بالري ، وطبرستان ، وأصاب الناس بعد ذلك جهد جهيد ، وقحط حتى أكل الناس بعضهم بعضا ، وأكل إنسان منهم ابنته .

ولليلتين خلتا من رجب شخص المعتضد إلى الجبل ، فقصد ناحية الدينور ، وولى أبا محمد علي بن المعتضد الري ، وقزوين ، وزنجان ، وأبهر ، وقم ، وهمذان ، والدينور ، وقلد عمر بن عبد العزيز بن أبي دلف أصبهان ، ونهاوند ، والكرج ، وتعجل المعتضد الانصراف من أجل غلاء الأسعار ، وقلة الميرة ، فوافى المعتضد بالله بغداد يوم الأربعاء لست خلون من رمضان .

ولست بقين من ذي القعدة : خرج المعتضد إلى الموصل عامدا لحمدان بن حمدون ، وذلك أنه بلغه أنه مال إلى هارون الشاري ، ودعا له فلما صار المعتضد بالله بنواحي الموصل كتب إلى إسحاق بن أيوب وإلى حمدان [ أن ] يتلقياه [ ص: 340 ] فأسرع إسحاق ، وتحصن حمدان في قلاعه . وورد كتاب المعتضد يذكر أن الله نصره على الأكراد ، والأعراب ، فقتل منهم خلقا كثيرا .

ثم خرج المعتضد عامدا لقلعة ماردين ، وكانت في يد حمدان ، فهرب وخلف ابنه بها فنزل المعتضد عليها ، وحاربهم من فيها يومهم ، فلما كان من الغد ركب المعتضد وصعد القلعة ، حتى قرب من الباب ثم صاح : يا ابن حمدان فأجابه فقال : افتح الباب . ففتحه فقعد المعتضد في الباب ، ونقل ما في القلعة ، ثم أمر بهدمها فهدمت .

وحمل خمارويه بن أحمد ابنته إلى المعتضد ، وقد كان المعتضد تزوجها في آخر رمضان هذه السنة ، بعثها مع ابن الجصاص ، وبعث معه بعد كل شيء عمله مائة ألف دينار ، وقال : لعل بالعراق ما نحتاج إليه مما ليس عندنا فاشتر شيئا إن أردت بهذه فأخذها إليه فما اشترى منها شيئا .

وحج بالناس في هذه السنة محمد بن هارون ، وأصاب [ الحاج ] بالأجفر مطر عظيم ، فمات منهم بشر كثير ، وكان الرجل يغرق في الرمل ما يقدر أحد على إخراجه .

التالي السابق


الخدمات العلمية