الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

1578 - إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق التميمي .

خراساني جوزجاني ، قدم مصر ، فكتب عنه .

وتوفي بدمشق في هذه السنة .

1579 - أيوب بن نصر بن موسى ، أبو أحمد العصفري

بغدادي ، قدم مصر ، وحدث بها ، وتوفي في شعبان هذه السنة .

1580 - إدريس بن عيسى ، أبو محمد القطان المخرمي

حدث عن زيد بن الحباب ، وأبي داود الجعفري . روى عنه ابن صاعد ، والباغندي ، ولم يكن به بأس ، وتوفي في هذه السنة .

1581 - الحسن بن علي ، أبو علي المسوحي

حكى عن بشر الحافي . روى عنه الجنيد . ولم يكن له منزل يأوي إليه إنما كان يأوي إلى مسجد .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز [قال:] أخبرنا [أحمد بن علي بن ثابت] الخطيب [قال: أخبرنا] ابن رزق إجازة [قال:] أخبرنا جعفر الخلدي قال: [ ص: 110 ] حدثني الجنيد وابن مسروق وأبو أحمد المغازلي ، وأبو محمد الجريري قالوا: سمعنا حسنا المسوحي يقول: كنت آوي إلى باب الكنائس كثيرا ، وكنت أقرب من مسجد ، ثم أتفيأ فيه من الحر وأستكن من البرد ، فدخلت يوما وقد كظني الحر واشتد علي فحملتني عيني فنمت ، فرأيت كأن سقف المسجد قد انشق ، وكأن جارية قد نزلت علي من السقف عليها قميص فضة يتخشخش ، ولها ذؤابتان ، فجلست عند رجلي فقبضت رجلي عنها ، فمدت يدها فنالت رجلي . فقلت لها: يا جارية ، لمن أنت؟ قالت: لمن دام على ما أنت عليه .

1582 - رزق الله بن موسى ، أبو الفضل الإسكافي .

حدث عن يحيى بن سعيد القطان ، وسفيان بن عيينة ، وشبابة .

روى عنه: الباغندي ، وابن صاعد ، والقاضي المحاملي ، وكان ثقة .

وتوفي في ذي القعدة من هذه السنة .

1583 - الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام ، أبو عبد الله الأسدي المديني [العلامة] .

سمع سفيان بن عيينة ، والنضر بن شميل ، وأبا الحسن المدائني وخلقا كثيرا .

روى عنه ثعلب ، وابن البراء ، وابن أبي الدنيا ، والبغوي ، وابن صاعد ، وغيرهم . [ ص: 111 ]

وكان ثقة ثبتا عالما بالنسب ، عارفا بأخبار المتقدمين ، وله "كتاب النسب" . ولي القضاء بمكة ، وورد بغداد ، فلما أراد أن يحدث بها قال: أعرضوا علي مستمليكم . فعرضوا عليه ، فأتاهم ، فلما حضر أبو حامد المستملي قال له: من أنت؟ قال: من ذكرت يا ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأعجبه ، واستملى عليه .

أخبرنا [عبد الرحمن بن محمد] القزاز [قال:] أخبرنا [أحمد بن علي بن ثابت] الخطيب قال: أخبرنا أحمد بن عبد الواحد الوكيل ، أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل [قال:] حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي [قال:] حدثنا محمد بن موسى المارستاني ، حدثنا الزبير بن بكار قال: قالت [ابنة] أختي لأهلها: خالي خير رجل لأهله ، لا يتخذ ضرة ، ولا يشتري جارية . قال: تقول المرأة: والله لهذه الكتب أشد علي من ثلاث ضرائر .

أخبرنا [عبد الرحمن] القزاز [قال:] أخبرنا [أحمد بن علي] الخطيب ، أخبرنا أحمد بن الفرج النهرواني [قال:] أخبرنا الحسين بن محمد بن عبيد الدقاق قال: سمعت أبا العباس محمد بن إسحاق الصيرفي يقول: [ ص: 112 ]

سألت الزبير بن بكار -وقد جرى حديث [النساء]- منذ كم زوجتك معك؟

قال: لا تسألني ليس يرد القيامة أكثر كباشا منها ، ضحيت عنها بسبعين كبشا .

أخبرنا [عبد الرحمن بن محمد] القزاز قال: أخبرني [أحمد بن علي ، أخبرني] محمد بن عبد الواحد ، وعلي بن أبي علي قالا: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: قال لنا أبو عبد الله أحمد بن سليمان الطوسي: توفي أبو عبد الله الزبير [بن بكار] قاضي مكة ليلة الأحد لتسع ليال بقين من ذي القعدة سنة ست وخمسين ومائتين ، وقد بلغ أربعا وثمانين سنة ، ودفنبمكة ، وحضرت جنازته ، وصلى عليه ابنه مصعب ، وكان سبب وفاته: أنه وقع من فوق سطحه ، فمكث يومين لا يتكلم ، وتوفي بعد فراغنا من قراءة "كتاب النسب" عليه بثلاثة أيام .

1584 - عبد الله بن محمد بن المهاجر ، أبو محمد .

ويعرف بفوزان ، كان من أخص أصحاب أحمد بن حنبل به ، وكان يتقدمه ، ويكرمه ، ويأنس إليه ، ويستقرض منه ، ومات أحمد وله عنده خمسون دينارا ، وأوصى أن تعطى من غلته ، فلم يأخذها فوزان ، وأحله منها . وبعث إليه يوما ، فقال: قد وهب [ ص: 113 ] الله لنا ولدا فإيش ترى أن أسميه؟

وحدث فوزان عن وكيع ، وشعيب بن حرب ، وأبي معاوية ، وغيرهم .

روى عنه: جماعة ، منهم: البغوي ، وابن صاعد . وقال الدارقطني: فوزان نبيل جليل .

توفي في رجب هذه السنة .

1585 - عثمان بن صالح بن سعيد بن يحيى ، أبو القاسم الخياط الخلقاني .

حدث عن يزيد بن هارون ، ووهب بن جرير . روى عنه: ابن مخلد ، وكان ثقة .

وتوفي في هذه السنة .

1586 - محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة ، أبو عبد الله الجعفي البخاري .

صاحب "الجامع الصحيح" و"التاريخ" ولد يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة . وإنما قيل له: الجعفي؛ لأن أبا جده أسلم -وكان مجوسيا- على يدي يمان الجعفي ، [وكان يمان] والي بخارى ، فنسب إليه .

ورحل محمد بن إسماعيل في طلب العلم ، وكتب بخراسان ، والجبال ، ومدن العراق ، والحجاز ، والشام ، ومصر ، وسمع بكر بن إبراهيم ، وعبدان ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري ، وأبا نعيم ، وعفان ، وأبا الوليد الطيالسي ، والقعنبي ، والحميدي ، وعلي بن المديني ، وأحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وخلقا يطول ذكرهم .

وورد إلى بغداد دفعات . وحدث بها فروى عنه من أهلها: إبراهيم الحربي ، والباغندي ، وابن صاعد ، وغيرهم ، وآخر من حدث عنه بها: الحسين بن إسماعيل المحاملي .

[ ص: 114 ]

ومهر البخاري في علم الحديث ، ورزق الحفظ له والمعرفة له .

أخبرنا أبو منصور القزاز [قال:] أخبرنا [أحمد بن علي بن ثابت] الخطيب قال: حدثني عبد الغفار بن عبد الواحد الأرموي قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن أحمد الأصبهاني قال: أخبرني أحمد بن علي الفارسي ، حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد قال: سمعت جدي محمد بن يوسف [الفربري] يقول: حدثنا أبو جعفر محمد بن أبي حاتم الوراق النحوي قال: قلت لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: كيف كان بدء أمرك في طلب الحديث؟ قال: ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب ، قلت: وكم أتى عليك إذ ذاك؟ فقال: عشر سنين أو أقل ، ثم خرجت من الكتاب بعد العشر ، فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره . فقال يوما فيما كان يقرأ للناس: سفيان ، عن أبي الزبير ، عن إبراهيم . فقلت [أنا] له: يا أبا فلان ، إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم . فانتهرني . فقلت له: ارجع إلى الأصل إن كان عندك . فدخل ونظر فيه ، ثم خرج فقال لي: كيف هو يا غلام؟ قلت: هو الزبير بن عدي ، عن إبراهيم . فأخذ القلم مني وأحكم كتابه ، وقال: صدقت .

فقال له بعض [ ص: 115 ] أصحابه: ابن كم كنت إذ رددت عليه؟ قال: ابن إحدى عشرة سنة ، فلما طعنت في ست عشرة حفظت كتب ابن المبارك ، ووكيع ، ثم خرجت مع أمي وأخي [أحمد] إلى مكة ، فلما حججت رجع أخي ، وتخلفت بها في طلب الحديث ، فلما طعنت في ثمانية عشرة سنة جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم ، وصنفت كتاب "التاريخ" ذاك عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليالي المقمرة ، وقل اسم في "التاريخ" إلا وله عندي قصة ، إلا أني كرهت تطويل الكتاب .

وفي رواية ابن البخاري: كتب تراجم جامعة بين قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنبره ، وكان يصلي لكل ترجمة ركعتين . وقال: كتبت عن ألف شيخ . قال: وأخرجت هذا الكتاب من زهاء ستمائة ألف حديث ، وما وضعت [في كتاب الصحيح] حديثا إلا اغتسلت [قبل ذلك] وصليت ركعتين .

قال الفربري: سمع هذا الكتاب تسعون ألف رجل ما بقي أحد يرويه غيري .

أخبرنا عبد الرحمن القزاز [قال:] أخبرنا الخطيب أحمد [بن علي بن ثابت] قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن علي الصوري ، أخبرنا محمد بن أحمد بن جميع الغساني [قال:] حدثنا أحمد بن محمد بن آدم [قال:] حدثنا محمد بن يوسف قال: كنت عند [ ص: 116 ] محمد بن إسماعيل البخاري في منزله ذات ليلة ، فأحصيت أنه قد قام وأسرج يستذكر أشياء يعلقها في ليلة ثماني عشرة مرة .

وروي عنه بعض رفقائه أنه كان يختلف معهم إلى مشايخ البصرة وهو غلام ، ولا يكتب ، فسألوه بعد أيام: لم لا تكتب . فقرأ عليهم جميع ما سمعوه من حفظه ، وكان يزيد على خمسة عشر ألف حديث ، وكان بندار يقول: ما قدم علينا مثل محمد بن إسماعيل .

ودخل مرة إلى مجلس بندار فما عرفه ، فقيل له: هذا أبو عبد الله . فقام فأخذ بيده وعانقه ، وقال: مرحبا بمن أفتخر به منذ سنين .

وقال أبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن عبد الله بن نمير: ما رأينا مثل محمد بن إسماعيل .

وقال أبو بكر الأعين: كتبنا عن محمد بن إسماعيل على باب محمد بن يوسف الفريابي وما في وجهه شعرة .

وقال أحمد بن حنبل: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل البخاري .

وقال إسحاق بن راهويه ، وعنده البخاري: يا معشر أصحاب الحديث ، انظروا إلى هذا الشاب ، واكتبوا عنه ، فإنه لو كان في زمن الحسن لاحتاج إليه الناس لمعرفته بالحديث وفهمه .

[ ص: 117 ]

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [قال:] أخبرنا [أحمد بن علي الحافظ] الخطيب قال: حدثني عبد الله بن أحمد الصيرفي قال: سمعت الدارقطني يقول: لولا البخاري ما ذهب مسلم ولا جاء .

أخبرنا عبد الرحمن [قال:] أخبرنا أحمد بن علي قال: حدثني محمد بن [أبي] الحسن الساحلي قال: أخبرنا أحمد بن الحسن الرازي قال: سمعت أبا أحمد بن عدي الحافظ يقول: سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري قدم إلى بغداد فسمع به أصحاب الحديث فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث قلبوا أسانيدها ومتونها وجعلوا متن هذا لإسناد آخر وإسناد هذا لمتن آخر ، ودفعوها إلى عشرة أنفس إلى كل رجل عشرة أحاديث ، وأمروهم إذا حضروا المجلس يلقون ذلك على البخاري ، فحضروا فانتدب رجل من العشرة فسأله عن حديث من تلك الأحاديث ، فقال: لا أعرفه . فسأله عن آخر ، فقال: لا أعرفه . فما زال يلقي عليه واحدا بعد واحد ، حتى فرغ من العشرة ، والبخاري يقول: لا أعرفه . فكان بعض الفهماء يقول: الرجل فهم . وبعضهم يقضي عليه بالعجز . ثم انتدب رجل آخر فسأله عن [حديث من] الأحاديث وهو يقول في الحديث: لا أعرفه حتى فرغ من عشرته ، [ ص: 118 ] ثم الثالث ، ثم الرابع ، إلى تمام العشرة ، والبخاري لا يزيدهم على: لا أعرفه .

فلما فرغوا التفت البخاري إلى الأول وقال: أما حديثك الأول فهو كذا ، والحديث الثاني كذا ، والثالث كذا ، حتى أتى على تمام العشرة ، فرد كل متن إلى إسناده ، وكل إسناد إلى متنه ، وفعل بالآخرين مثل ذلك ، فأقر له الناس بالحفظ ، وأذعنوا له بالفضل . وكان ابن صاعد إذا ذكره يقول: الكبش النطاح!

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [قال:] أخبرنا الخطيب [أحمد بن علي بن ثابت] قال: أخبرني الحسن بن محمد البلخي ، حدثنا محمد بن أبي بكر الحافظ ، أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد بن عمر المقرئ ، حدثنا أبو سعيد بكر بن منير قال: كان حمل إلى محمد بن إسماعيل بضاعة أنفذها إليه فلان ، فاجتمع التجار بالعشية فطلبوها منه بربح خمسة آلاف درهم ، فقال لهم: انصرفوا الليلة . فجاءه من الغد تجار آخرون فطلبوا منه تلك البضاعة بربح عشرة آلاف درهم ، فردهم وقال: إني نويت البارحة أن أدفع إلى أولئك ، ولا أحب أن أنقض نيتي . فدفعها إليهم .

أخبرنا [عبد الرحمن] القزاز [قال] أخبرنا الخطيب [أحمد بن علي بن ثابت] أخبرنا الحسن بن محمد الأشقر [قال]: أخبرنا محمد بن أبي بكر البخاري الحافظ [قال:] حدثنا أبو عمرو أحمد بن محمد المقرئ قال: سمعت بكر بن منير يقول: [ ص: 119 ] سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أرجو أن ألقى الله [سبحانه] ولا يحاسبني أن اغتبت أحدا .

كان البخاري قد قال: أفعال العباد مخلوقة . فقلت له: قد قلت: لفظي بالقرآن مخلوق . فقال: أنا لا أقول هذا ، وإنما أقول: أفعال العباد مخلوقة . فهجره محمد بن يحيى الذهلي ، ومنع الناس من الحضور عنده ، واتفق أن خالد بن أحمد الذهلي والي بخارى سأله أن يحضر عنده ليسمع منه "الكتاب الصحيح" ["والتاريخ" ] فقال: أنا لا أذل العلم ، إن أراد سماع ذلك فليحضر عندي . فاحتال عليه حتى نفاه من البلد ، فمضى إلى "خرتنك" وهي قرية من قرى سمرقند على فرسخين منها ، فتوفي هناك .

أخبرنا [عبد الرحمن بن محمد] القزاز قال: أخبرنا [أحمد بن علي بن ثابت] الخطيب أخبرنا أبو سعد الماليني ، أخبرنا عبد الله بن عدي قال: سمعت الحسن بن الحسين التمار يقول: رأيت محمد بن إسماعيل شيخا نحيف الجسم ، ليس بالطويل ولا بالقصير ، توفي ليلة السبت عند صلاة العشاء ، وكانت ليلة الفطر ، ودفن يوم الفطر بعد صلاة الظهر لغرة شوال سنة ست وخمسين ومائتين ، وعاش اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما .

[ ص: 120 ]

1587 - محمد المهتدي بالله أمير المؤمنين .

قد ذكرنا سبب خلعه وقتله فيما تقدم ، وكان هلاكه يوم الثلاثاء لأربع عشرة ليلة بقين من رجب هذه السنة ، وكانت خلافته أحد عشر شهرا ، وخمسة عشر يوما . وقيل: وسبعة عشر يوما ، وبلغ من العمر ثمانيا وثلاثين سنة ، وقيل سبعا وثلاثين ، وأربعة أشهر ، وعشرة أيام . وقيل: إحدى وأربعين سنة .

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد [قال:] أخبرنا أحمد بن [علي بن] ثابت [قال: حدثني الحسن بن أبي بكر قال: حدثنا عيسى بن المتوكل على الله ، حدثنا محمد بن خلف بن المرزبان] ، حدثني العباس بن يعقوب ، حدثني أحمد بن سعيد الأموي قال: كانت لي حلقة وأنا بمكة أجلس فيها في المسجد الحرام ، ويجتمع إلي فيها أهل الأدب ، وإنا [يوما] لنتناظر في شيء من النحو والعروض ، وقد علت أصواتنا وذلك في خلافة المهتدي ، إذ وقف علينا مجنون ، فنظر إلينا ثم قال:


أما تستحون الله يا معدن الجهل شغلتم بذا والناس في أعظم الشغل     أمامكم أضحى قتيلا مجدلا
وقد أصبح الإسلام مفترق الشمل     وأنتم على الأشعار والنحو عكف
تصيحون بالأصوات فلستم بذي عقل

ثم انصرف المجنون ، وتفرقنا ، وقد أفزعنا ما ذكره المجنون ، وحفظنا الأبيات ، فخبرت بذلك إسماعيل بن المتوكل ، فحدث به قبيحة أم المعتز بالله فقالت: إن لهذا لنبأ ، فاكتبوا هذه الأبيات ، وأرخوا هذا اليوم ، واطووا هذا الخبر عن العامة . ففعلنا ، فلما كان يوم الخامس عشر ورد الخبر من مدينة السلام بقتل المهتدي .

[ ص: 121 ]

1588 - محمد بن إبراهيم بن جعفر الأنماطي .

المعروف بمربع ، صاحب يحيى بن معين . كان أحد الحفاظ الفهماء ، وحدث عن أبي سلمة التبوذكي وأبي حذيفة النهدي ، وأبي الوليد الطيالسي ، وغيرهم .

أخبرنا عبد الرحمن [قال] أخبرنا أحمد [بن علي بن ثابت] قال: سمعت أبا نعيم الحافظ يقول: بلغني عن جعفر بن محمد بن كزال قال: كان يحيى بن معين يلقب أصحابه ، فلقب محمد بن إبراهيم بمربع ، والحسين بن محمد بعبيد العجل ، وصالح بن محمد جزرة ، ومحمد بن صالح بكيلجة ، وهؤلاء من كبار أصحابه .

أخبرنا [عبد الرحمن] القزاز [قال] أخبرنا [أحمد بن علي الخطيب [قال] ، حدثنا عبد الله بن أبي الفتح [قال] أخبرنا [أبو الحسن] الدارقطني قال: محمد بن إبراهيم الأنماطي المعروف بمربع كان حافظا بغداديا ، له تصنيف وتاريخ ، حدث عنه: أبو محمد بن صاعد وغيره .

أخبرنا [عبد الرحمن بن محمد] القزاز قال: أخبرنا [أحمد بن علي الخطيب [قال] ، أخبرنا علي بن محمد السمسار ، أخبرنا عبد الله بن عثمان الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع: أن محمد بن إبراهيم مربعا مات في سنة ست وخمسين ومائتين .

[ ص: 122 ]

وقال ابن مخلد: مات في ستة وثمانين . وهذا غلط لا يصح .

1589 - محمد بن أبي فروة ، أبو عبد الله الشعباني:

من بني شعبان ، وبنو شعبان بن عمرو بن قيس من حمير ، وأهل مصر إذا نسبوا إليه يقولون: الأشعبوني ، وأهل الكوفة يقولون: الشعبي ، وأهل الشام يقولون الشعباني ، وأهل اليمن يقولون: ذي الشعين ، وكلهم يريد شعبان بن عمرو .

روى محمد الحديث ، وتوفي في هذه السنة .

[ ص: 123 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية