ثم دخلت سنة سبع وخمسين ومائتين 
فمن الحوادث فيها: 
أنه في أولها: ظفر صاحب الزنج بالأبلة ،  وأحرقها وقتل من الناس في ثلاثة أيام ثلاثين ألفا .  
وأنه قدم رسول  يعقوب بن الليث   [في ربيع الآخر] بأصنام من كابل ،  وأن  المعتمد  عقد لأخيه أبي أحمد  على الكوفة ،  والبصرة ،  وبغداد ،  والسواد ،  وفارس ،  والأهواز ،  وطريق مكة ،  والحرمين ،  وبلاد اليمن ،  لاثنتي عشرة خلت من صفر ، ثم عقد له لسبع خلون من رمضان على بغداد ،  والسواد ،  وواسط ،  وكور دجلة ،  والبصرة   [والأهواز  وفارس] .  
وفيها: أمر بغراج باستحثاث سعيد الحاجب  أن ينيخ بإزاء عسكر صاحب الزنج ، فمضى وأوقع بهم وهزمهم ، واستنقذ ما في أيديهم من النساء والنهب ، وأصابته جراحات . 
 [ ص: 124 ] 
ثم عاد إلى حرب الخبيث فعبر [إلى] غربي دجلة  فأوقع به وقعات في أيام متوالية ، ثم لم يزل يحاربه باقي رجب وعامة شعبان . 
ثم أوقع الخبيث بسعيد  وأصحابه فقتلهم . 
وفيها: ظهر ببغداد  في "بركة زلزل" علي خناق ، قد قتل خلقا [كثيرا من الرجال و] النساء في دار كان ساكنها ، فحمل إلى  المعتمد ،  وأمر بضربه فضرب ألفي سوط وأربع مائة سوط ، فلم يمت حتى ضرب الجلادون أنثييه بخشب العقابين ، فمات ، وصلب ببغداد ،  ثم أحرقت جثته . 
وفي يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت من شوال: غارت خيل الزنج على البصرة ،  فعاثوا وأحرقوا [ونهبوا] ، وأخذ الناس السيف ، فلا تسمع إلا ضجيج الناس وتشهدهم وهم يقتلون ، فقتلوا عشرين ألفا ، أحرقوا المسجد الجامع . 
وكان صاحب الزنج ينظر في حساب النجوم ، فعرف انخساف القمر ، فقال للناس: اجتهدت في الدعاء على أهل البصرة  وابتهلت إلى الله تعالى في تعجيل خرابها ، فخوطبت وقيل لي: إنما أهل البصرة  خبزة ، أكلها من جوانبها ، فإذا انكسر نصف  [ ص: 125 ] الرغيف خربت البصرة ،  فأولت انكسار الرغيف انكساف القمر ، فعقب هذا إغارة أصحابه على أهل البصرة .  
وكان الخبيث قد بعث من يأخذ أموال الأغنياء ، ويقتل من لا شيء له ، فهرب الناس على وجوههم ، فكان الخبيث يقول: دعوت على أهل البصرة  في غداة اليوم الذي دخلها فيه أصحابي ، واجتهدت في الدعاء [وسجدت] فرفعت إلي البصرة ،  فرأيتها ، ورأيت أصحابي يقاتلون فيها ، فعلمت أن الملائكة تولت إخرابها تعين أصحابي ، وأن الملائكة لتنصرن أصحابي ، وتثبت من ضعف قلبه من أصحابي . ولقد عرضت علي النبوة فأبيتها؛ لأن لها أعباء خفت أن لا أطيق حملها . 
فلما انتهى الخبر إلى السلطان بعث محمدا المولد  من سامراء  لحرب صاحب الزنج يوم الجمعة لليلة خلت من ذي القعدة . 
وفيها: وثب بسيل الصقلبي  على ميخائيل بن توفيل  ملك الروم ، فقتله ، وكان ميخائيل  قد تفرد بالمملكة أربعا وعشرين سنة ، وتملك الصقلبي  بعده على الروم . 
وحج بالناس في هذه السنة الفضل بن إسحاق بن إسماعيل بن العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس .  
 [ ص: 126 ] 
				
						
						
