فمن الحوادث فيها :
أخذ المعتضد محمد بن الحسن بن سهل المعروف بشيلمة ، وكان شيلمة مع صاحب الزنج إلى آخر أيامه ، ثم لحق أن بأبي أحمد في الأمان ، فرفع عنه إلى أنه يدعو إلى رجل لم يوقف على اسمه ، وأنه قد أفسد جماعة ، فأخذه المعتضد فقرره ، فلم يقر ، وسأله عن الرجل الذي يدعو إليه فقال : لو كان تحت قدمي ما رفعتها عنه ، فقتله وصلبه لسبع خلون من المحرم . المعتضد
ولليلة خلت من صفر شخص من المعتضد بغداد يريد بني شيبان ، فقصد الموضع الذي كانوا يتخذونه معقلا ، فأوقع بهم ، وقتل وسبى وعاد ، وكان معه دليل طيب الصوت ، وكان يأمره أن يحدو به ، فأشرف على جبل يقال له : نوباذ ، فأنشد الأعرابي :
وأجهشت للتوباذ حين رأيته وهلل للرحمن حين رآني [ ص: 333 ] وقلت له أين الذين عهدتهم
بظلك في خفض وأمن زمان؟ فقال : مضوا واستخلفوني مكانهم
ومن ذا الذي يبقى على الحدثان؟
واصطفى من الأعراب عجوزا فصيحة ، فجاءت يوما فجلست فقال لها الحاجب : قومي إلى أن نأمرك تجلسين بين يدي أمير المؤمنين ! فقالت : أنت لم تعرفني ما أعمل؟ ثم قامت فتغافل عنها المعتضد ، فقالت : أقيام إلى الأبد فمتى ينقضي الأمد ! فضحك ، وأمرها بالجلوس . المعتضد
وفي هذه السنة : وجه يوسف بن أبي الساج اثنين وثلاثين نفسا من الخوارج من طريق الموصل ، فضربت أعناق خمسة وعشرين منهم ، وصلبوا وحبس باقيهم .
وفيها : ورد الخبر بغزو إسماعيل بن أحمد بلاد الترك [ وقتله خلقا كثيرا من الترك ] وافتتاحه مدينة ملكهم ، وأسره إياه وامرأته خاتون ، ونحو عشرة آلاف ، وقتل [ ص: 334 ] منهم خلقا كثيرا ، وغنم دواب كثيرة ، وأصاب الفارس [ من المسلمين من الغنيمة في القسم ] ألف درهم .
وفي ذي الحجة : ورد كتاب من دبيل أن القمر قد انكسف في شهر شوال لأربع عشرة خلت منه ، ثم تجلى في آخر الليل فأصبحوا صبيحة تلك الليلة والدنيا مظلمة ، ودامت الظلمة عليهم ، فلما كان عند العصر هبت ريح سوداء شديدة ، فدامت إلى ثلث الليل ، فلما كان ثلث الليل زلزلوا ، فأصبحوا وقد ذهبت المدينة ، فلم ينج من منازلها إلا اليسير قدر مائة دار ، وأنهم دفنوا إلى حين كتبوا الكتاب ثلاثين ألف نفس ، يخرجون من تحت الهدم ويدفنون ، وأنهم ، وقيل إنه أخرج من تحت الهدم خمسون ومائة ألف إنسان ميت . زلزلوا بعد الهدم خمس مرات
وأمر بتسهيل عقبة المعتضد حلوان ، فسهلت وغرم عليها عشرون ألف دينار ، وكان الناس يلقون منها مشقة شديدة .