الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 370 ] ثم دخلت سنة أربع وثمانين ومائتين

فمن الحوادث فيها :

قدوم رسول عمرو بن الليث برأس رافع بن هرثمة في يوم الخميس لأربع بقين من المحرم على المعتضد ، فأمر بنصبه في الجانب الشرقي إلى الظهر ، ثم أمر بتحويله إلى الجانب الغربي ، ونصبه هناك إلى الليل .

وفي يوم الخميس لأربع عشرة خلت من ربيع الأول : خلع على أبي عمر محمد بن يوسف بن يعقوب ، وقلد قضاء مدينة أبي جعفر ، مكان علي بن محمد بن أبي الشوارب ، وقعد للخصوم في الجامع ، ومكثت مدينة المنصور من لدن مات ابن أبي الشوارب ، إلى أن وليها أبو عمر بغير قاض ، وذلك خمسة [ أشهر وأربعة ] أيام .

وفي هذه السنة : أخذ نصراني فشهد عليه أنه قد شتم النبي صلي الله عليه وسلم ، فحبس ثم اجتمع من الغد العوام بسبب النصراني ، فصاحوا بالقاسم بن عبيد الله ، وطالبوه بإقامة الحد على النصراني ، فلما كان يوم الأحد لثلاث عشرة بقيت من الشهر اجتمع أهل باب الطاق ، وما يليها من الأسواق ، ومضوا إلي دار السلطان ، فلقيهم أبو الحسين ابن الوزير ، فصاحوا به ، فأعلمهم أنه قد أنهى خبره إلى المعتضد ، فكذبوه وأسمعوه ما كره ، [ ص: 371 ] ووثبوا بأعوانه حتى هربوا منهم ، ومضوا إلى دار المعتضد ، فدخلوا من الباب الأول والثاني ، فمنعوا فوثبوا على من منعهم ، فخرج إليهم من سألهم عن خبرهم ، فأخبروه فكتب به إلى المعتضد ، فأدخل إليه جماعة [ منهم ] وسألهم عن الخبر ، فذكر له ، فأرسل إلى يوسف القاضي لينظر في الأمور ، فمضى معهم الرسول إلى القاضي ، فكادوا يقتلونه ويقتلون القاضي من كثرة الزحام ، حتى دخل القاضي بابا وأغلق دونهم .

وفي يوم الخميس لثلاث بقين من ربيع الآخر : ظهرت ظلمة بمصر ، وحمرة في السماء شديدة ، حتى كان الرجل ينظر إلى وجه الآخر فيراه أحمر ، وكذلك الحيطان وغيرها ، فمكثوا كذلك من العصر إلى العشاء ، وخرج الناس يدعون الله عز وجل ويتضرعون إليه .

وفي يوم الأربعاء ، لثلاث خلون من جمادى الأولى : نودي في [ الأرباع ] والأسواق ببغداد بالنهي عن وقود النار ليلة النيروز ، وعن صب الماء [ في ] يومه ، ونودي بمثل ذلك في يوم الخميس ، فلما كانت عشية الخميس نودي على باب صاحب الشرطة بالجانب الشرقي بأن أمير المؤمنين قد أطلق الناس في وقود النيران ، وصب الماء ، ففعلت العامة في ذلك ما جاوز الحد ، حتى صبوا على أصحاب الشرطة ، فكان ذلك من أعظم الفتن .

التالي السابق


الخدمات العلمية