الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 377 ] ثم دخلت سنة خمس وثمانين ومائتين

فمن الحوادث فيها :

خروج صالح بن مدرك الطائي على الحاج بالأجفر يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من المحرم ، فأخذ الأموال والتجارات والنساء والحرائر والمماليك ، وذكر أنه أخذ من الناس ألفي ألف دينار .

ولسبع بقين من المحرم قرئ على جماعة من حاج خراسان في دار المعتضد كتاب بتولية عمرو بن الليث الصفار ما وراء النهر - نهر بلخ - وعزل أحمد بن إسماعيل .

وفي هذه السنة : كتب صاحب البريد من الكوفة ، يذكر أن ريحا صفراء ارتفعت بنواحي الكوفة في ليلة الأحد لعشر بقين من ربيع الأول ، فلم تزل إلى وقت المغرب ، ثم استحالت سوداء ، فلم يزل الناس في تضرع إلى الله عز وجل ، ثم مطرت السماء بعقب ذلك مطرا شديدا برعود هائلة ، وبروق متصلة ، ومطرت قرية تعرف بأحمدآباذ . [ ص: 378 ] حجارة بيضاء وسوداء ، مختلفة الألوان ، وأنفذ منها حجرا ، فأخرج إلى الدواوين حتى رأوه .

ثم ورد الخبر من البصرة أن ريحا ارتفعت بها بعد صلاة الجمعة لخمس [ بقين ] من ربيع الأول صفراء [ ثم استحالت خضراء ، ثم سوداء ] ثم تتابعت الأمطار بما لم يروا مثلها قط ، ثم وقع برد [ كبار ] ، وزن البردة الواحدة مائة وخمسون درهما ، وأن الريح اقتلعت من نهر الحسن خمسمائة [ نخلة ] أو أكثر ، ومن نهر معقل مائة نخلة عددا ، وزادت دجلة زيادة مفرطة ، لم ير مثلها ، فتهدمت أبنية كثيرة حولها ، وخيف على الجانبين .

وورد الخبر لثلاث خلون من شعبان أن راغبا الخادم مولى الموفق غزا في البحر ، فأظفره الله تعالى بمراكب كثيرة ، وبجميع ما فيها من الروم ، فضرب أعناق ثلاثة آلاف منهم ، وأحرق المراكب ، وفتح حصونا كثيرة من حصون الروم .

وفي عشر من ذي الحجة دخل علي بن المعتضد من الري ، فتلقاه الناس ، ودخل إلى المعتضد ، فقال له : "يا بني خرجت ولدا ورجعت أخا" ! فقال : "يا أمير المؤمنين أبقاني الله تعالى لخدمتك ، ولا أبقاني بعدك" . فأمر أن يخلع عليه بين يديه .

[ ص: 379 ] وفى ذي الحجة خرج المعتضد من بغداد قاصدا إلى آمد واستخلف ببغداد صالحا الحاجب ، وصلى بالناس العيد ابنه علي ، وانصرف إلى الدار ، فعمل بها سماطا للناس .

وحج بالناس في هذه السنة محمد بن عبد الله بن داود الهاشمي .

التالي السابق


الخدمات العلمية