الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 280 ] 900 - باب بيان مشكل فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن فداه أباه وأمه

5618 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، قال : سمعت عبد الله بن شداد بن الهاد ، يقول : سمعت عليا ، يقول : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع لأحد فداء أبويه غير سعد بن مالك ، فإنه صلى الله عليه وسلم جعل يوم أحد يقول له : ارم فداك أبي وأمي .

[ ص: 281 ]

5619 - وحدثنا يونس بن عبد الأعلى ، وسليمان بن شعيب الكيساني ، قالا : حدثنا يحيى بن حسان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير ، أنه قال لأبيه : يا أبه ، لقد رأيتك وإنك لتحمل على فرسك الأشقر . فقال : هيه ، وهل رأيتني أي بني ؟ فقال : نعم ، قال : فإن رسول الله حينئذ جمع لأبيك أبويه ، يقول احمل فداك أبي وأمي [ ص: 282 ] .

5620 - وحدثنا ابن أبي داود ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير ، قال : كنت أنا وعمر بن أبي سلمة يوم الخندق في الأطم ، فكان يطأطئ لي وأطأطئ له ، فننظر إلى القتال ، فرأيت أبي يومئذ يجول في السبخة يكر على هؤلاء مرة ، ويكر على هؤلاء مرة . فقلت : قد رأيتك تجول في السبخة تكر على هؤلاء [ ص: 283 ] مرة وتكر على هؤلاء مرة . قال قد جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم أبويه .

5621 - وحدثنا يونس ، أخبرنا أنس بن عياض ، عن يحيى بن سعيد ، قال : سمعت سعيد بن المسيب ، يقول : سمعت ابن أبي وقاص ، يقول : لقد جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أحد. [ ص: 284 ]

5622 - وحدثنا فهد بن سليمان ، حدثنا محمد بن سعيد ، أخبرنا عبيد الله بن موسى ، عن علي بن صالح ، عن عاصم ، عن زر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحوه ، يعني من الحديث الذي لم يتجاوز به زر ، وهو قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا فجعل الحسن والحسين يركبان على ظهره ، قال : فلما انصرف ، قال : بأبي أنتما وأمي ، من أحبني ، فليحب هذين .

[ ص: 285 ] والذي ذكرناه في الباب الذي قبل هذا الباب يدل على ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد لمن قال له هذه الأقوال المذكورة في هذه الآثار ، وهو لو أقدر على أن أجعل أبي وأمي فداء لمن جعلتهما فداء له لفعلت ، فيكون ذلك قد بلغ من قلبه نهاية ما يبلغ مثله منه ، ويكون من قال ذلك له قد علم منه أنه من قلبه في نهاية ما يكون منه مثله من قلب مثله ، والله الموفق .

التالي السابق


الخدمات العلمية