الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 337 ] 583 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل في عبده الذي عمل ذنبا ، فاعترف به ، وسأله أن يغفر له

3721 - حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا همام بن يحيى ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أن رجلا أذنب ذنبا ، فقال : رب إني أذنبت ذنبا ، أو عملت ذنبا ، فاغفره ، فقال تبارك وتعالى : عبدي أذنب ذنبا ، فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي ، ثم عمل ذنبا آخر ، أو قال : أذنب ذنبا آخر ، فقال : رب إني عملت ذنبا ، فاغفره لي ، فقال تبارك وتعالى : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي ، ثم عمل ذنبا آخر ، أو أذنب ذنبا آخر ، فقال : رب إني عملت ذنبا ، فاغفره لي ، فقال تبارك وتعالى : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي ، ثم عمل ذنبا آخر ، أو قال أذنب ذنبا آخر ، وقال : رب إني عملت ذنبا ، فاغفره ، فقال : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، أشهدكم أني قد غفرت لعبدي ، فليعمل ما شاء .

[ ص: 338 ] فتأملنا هذا الحديث ، فكان أحسن ما وقفنا عليه مما احتمله - والله أعلم - أن العبد بما يكون منه الذنوب أنه ذنب ، وأن الله عز وجل قد علمه منه ، وأنه يأخذه بالعقوبة عليه إن شاء ، ويعفو له إن شاء ، إيمانا منه به ، ومعقول أنه إذا كان خائفا من عقوبته جل وعز لذلك الذنب وراجيا لمغفرته له عليه أنه ممن قد سرته حسنته وساءته سيئته ، فدخل بذلك في المعنى الذي في الحديث الذي ذكرناه في الباب الذي قبل هذا الباب ، واستحق به الإيمان ، وكان يعلمه أن الله عز وجل قد علم ما كان منه بخلاف غيره ممن يظن أن الله عز وجل يخفى عليه ما يكون منه ممن يستحق بذلك الكفر ، وهو ممن قد ذكره الله عز وجل في كتابه بقوله : وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون . ثم أتبع ذلك عز وجل بقوله : وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين . فكان الرجل الذي [ ص: 339 ] ذكرناه في حديث أبي هريرة الذي رويناه في صدر هذا الباب ضدا لمن هذه صفته ، فكان من دخل في هذه الآية كافرا ، فاستحق النار ، ومن دخل في ذلك الحديث مؤمنا ، فاستحق من ربه عز وجل بفضله عليه بما ذكر بفضله به عليه في ذلك الحديث ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية