الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 43 ] 550 - باب بيان مشكل ما روي في صدقة الفطر مما قصد به فيها إلى المسلمين

3422 - حدثنا يونس ، قال : أنبأنا ابن وهب أن مالكا أخبره .

3423 - وحدثنا صالح بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا القعنبي ، قال : حدثنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس ، صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير ، على كل حر أو عبد ، ذكر أو أنثى من المسلمين .

فقال قائل : أفتابع مالكا على هذا الحرف - يعني من المسلمين - أحد ممن رواه عن نافع ؟

[ ص: 44 ] فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أنه قد تابعه على ذلك عبيد الله بن عمر ، وعمر بن نافع ، ويونس بن يزيد .

3424 - كما حدثنا محمد بن علي بن داود ، قال : حدثنا سليمان بن داود الهاشمي ، عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان إلى رمضان صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ، ذكر أو أنثى من المسلمين .

3425 - وحدثنا محمد بن جعفر ، عن محمد بن أعين ، قال : حدثنا يحيى بن أيوب المقابري ، قال : حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، ثم ذكر بإسناده مثله ، غير أنه لم يقل : إلى رمضان .

[ ص: 45 ]

3426 - وحدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا يحيى بن محمد بن السكن البصري ، قال : حدثنا محمد بن جهضم ، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن عمر بن نافع ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمر قال : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير ، على العبد والحر ، والذكر والأنثى ، والصغير والكبير من المسلمين ، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة .

3427 - وحدثنا طاهر بن عمرو بن الربيع بن طارق ، قال : حدثني أبي قال : حدثني يحيى بن أيوب ، عن يونس بن يزيد ، أن نافعا أخبره قال : قال عبد الله بن عمر : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير ، على كل إنسان ، ذكر أو أنثى ، أو حر أو عبد من المسلمين .

[ ص: 46 ] فقد بان بما ذكرنا أن هذا المعنى ثابت في الحديث أعني من المسلمين .

فقال قائل : أفعلى العبد فرض مع عجزه عن المفروض المذكور في هذا الحديث ؟

فكان جوابنا له في ذلك بتوفيق الله عز وجل وعونه : أن العبد لا فرض عليه في نفسه ; إذ لا مال له ، وإنما الفرض على مولاه فيه ، وإذا كان ذلك كذلك رجع قوله صلى الله عليه وسلم : من المسلمين إلى الموالي ، لا إلى العبيد ، وفي ذلك ما قد دل أنه لا حجة في هذا المعنى من هذا الحديث لمن يقول : إن الرجل المسلم لا يجب عليه أن يؤدي زكاة الفطر عن عبده النصراني على من يقول : إنه يجب ذلك عليه فيه .

وقد روي عن غير واحد من المتقدمين ما يوافق قول من قال : إن المسلم يؤديها عن مملوكه النصراني ، كما يؤديها عن مملوكه المسلم .

وسنذكر ذلك في المجلس الذي يتلو هذا المجلس زيادة في هذا الباب إن شاء الله ، والله نسأله التوفيق .

3428 - وما حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح ، وعبد الوهاب بن خلف بن عمر أبو أيوب قالا : حدثنا نعيم بن حماد ، قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، قال : حدثنا ابن لهيعة ، عن عبيد الله بن أبي جعفر ، عن الأعرج ، [ ص: 47 ] عن أبي هريرة ، قال : كان يخرج زكاة الفطر عن كل إنسان يقول : من صغير أو كبير ، أو حر أو عبد ، وإن كان نصرانيا مدين من قمح ، أو صاعا من تمر .

وما قد حدثنا يحيى وعبد الوهاب قالا : حدثنا نعيم ، قال : حدثنا ابن المبارك ، قال : أخبرنا ابن جريج ، عن عطاء قال : إذا كان لك عبيد نصارى لا يدارون لتجارة فزك عنهم يوم الفطر .

وما قد حدثنا يحيى وعبد الوهاب قالا : حدثنا نعيم ، قال : حدثنا ابن المبارك ، قال : حدثنا إسماعيل بن عياش ، قال : حدثنا عمرو بن المهاجر ، عن عمر بن عبد العزيز قال : يعطي الرجل عن مملوكه ، وإن كان [ ص: 48 ] نصرانيا زكاة الفطر .

قال أبو جعفر : فهذا أبو هريرة ، وعطاء بن أبي رباح ، وعمر بن عبد العزيز قد ذهبوا في هذا الباب إلى ما قد ذكرنا ، وهو القول عندنا في ذلك ; لأنه لما كان الرجل المسلم يزكي عن عبيده النصارى لإسلامه ، ولا يسقط ذلك عنه فيهم لكفرهم ; كان مثل ذلك أيضا يؤدي زكاة الفطر عنهم لإسلامه ، ولا يسقط ذلك عنه فيهم لكفرهم ، وهكذا كان أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد يقولون في ذلك ، والله نسأله التوفيق .

[ ص: 49 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية