الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وإذا اختلف المولى والمكاتب في مال الكتابة لم يتحالفا عند أبي حنيفة . وقالا : يتحالفان وتفسخ الكتابة ) وهو قول الشافعي لأنه عقد معاوضة يقبل الفسخ فأشبه البيع ، والجامع أن المولى يدعي بدلا زائدا ينكره العبد والعبد يدعي استحقاق العتق عليه [ ص: 235 ] عند أداء القدر الذي يدعيه والمولى ينكره فيتحالفان كما إذا اختلفا في الثمن . ولأبي حنيفة أن البدل مقابل بفك الحجر في حق اليد والتصرف للحال وهو سالم للعبد وإنما ينقلب مقابلا بالعتق عند الأداء فقبله لا مقابلة فبقي اختلافا في قدر البدل لا غير فلا يتحالفان . .

التالي السابق


( قال ) أي القدوري في مختصره ( وإذا اختلف المولى والمكاتب في مال الكتابة لم يتحالفا عند أبي حنيفة ) والقول للعبد مع يمينه ، كذا في الكافي وغيره ( وقالا : يتحالفان وتفسخ الكتابة ، وهو قول الشافعي لأنه عقد معاوضة يقبل الفسخ فأشبه البيع ، والجامع أن المولى يدعي بدلا زائدا ينكره العبد والعبد يدعي استحقاق العتق عليه ) [ ص: 235 ] أي على المولى ( عند أداء القدر الذي يدعيه والمولى ينكره فيتحالفان كما إذا اختلفا ) أي المتبايعان ( في الثمن ، ولأبي حنيفة أن البدل ) أي بدل الكتابة ( مقابل بفك الحجر ) لأن الكتابة عقد معاوضة ، وقد وجب بدل الكتابة على العبد فيجب أن يثبت للعبد أيضا شيء وما ذاك إلا فك الحجر ( في بدل اليد والتصرف للحال ) اللام في الحال متعلق بمقابل أي مقابل للحال .

اليد والتصرف ( سالم للعبد ) لاتفاق العبد والمولى على ثبوت الكتابة ( وإنما ينقلب ) أي البدل ( مقابلا بالعتق عند الأداء ) أي عند أداء المكاتب بدل الكتابة بتمامه ( فقبله ) أي قبل الأداء ( لا مقابلة ) أي لا مقابلة بالعتق وإلا لعتق قبل الأداء وليس كذلك قطعا ، وكان هذا نظير إجارة الدار حيث جعلنا رقبة الدار في ابتداء العقد في الإجارة أصلا ثم ينتقل منها إلى المنفعة وهي المطلوبة آخرا ، فكذا في الكتابة جعلنا الفك في حق اليد والتصرف أصلا في ابتداء العقد ، ثم عند الأداء جعلنا العتق أصلا وانتقل من فك الحجر إلى العتق ، كذا في النهاية والكفاية ( فبقي اختلافا في قدر البدل لا غير ) يعني إذا كان ما يقابل البدل في الحال سالما للعبد فقد بقي أمرهما اختلافا في قدر البدل لا غير ( فلا يتحالفان ) لأن العبد لا يدعي شيئا على المولى ، بل هو منكر لما يدعيه المولى من الزيادة والقول قول المنكر مع يمينه ، وإن أقام أحدهما بينته تقبل بينته لأنه نور دعواه بها ، وإن أقاما البينة كانت بينة المولى أولى لأنها تثبت الزيادة ، إلا أنه إذا أدى قدر ما أقام البينة عليه يعتق لأنه أثبت الحرية لنفسه عند أداء هذا القدر فوجب قبول بينته على ذلك فصار نظير ما لو كاتبه على ألف درهم على أنه إن أدى خمسمائة يعتق ، ولا يمتنع أن يكون عليه بدل الكتابة بعد الحرية كما ذكرناه ، ولو كما استحق بدل الكتابة فإن الحرية لا ترتفع بعد النزول ويجب عليه البدل ، كذا ذكره الإمام الزيلعي في التبيين .




الخدمات العلمية