[ ص: 237 ] 682 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان منه في الجمل الذي ابتاعه من جابر بن عبد الله في إطلاقه له ركوبه إلى المدينة : هل كان ذلك بشرط وقع البيع بينه وبينه عليه ؟ أم بخلاف ذلك ؟
4408 - حدثنا علي بن شيبة ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا زكريا بن أبي زائدة ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله أنه كان يسير على جمل له ، فأعيى ، فأدركه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " ما شأنك يا جابر ؟ فقال : أعيى ناضحي يا رسول الله ، قال : " أمعك شيء ؟ " فأعطاه عودا أو قضيبا ، فنخسه به - أو قال : ضربه به - فسار سيرة لم يكن يسير مثلها ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تبيعنيه بأوقية ؟ " فقلت : يا رسول الله ، هو ناضحك ، قال : فبعته بأوقية ، واستثنيت حملانه حتى أقدم المدينة ، فلما قدمت أتيته بالبعير ، فقلت : هذا بعيرك يا رسول الله ، قال : " لعلك ترى أني إنما ماكستك لأذهب ببعيرك ! يا بلال ، أعطه من الغنيمة أوقية " ، وقال : " انطلق ببعيرك ، فهو لك .
[ ص: 238 ] [ ص: 239 ]
4409 - وحدثنا إسماعيل بن إسحاق الكوفي وفهد بن سليمان جميعا ، قالا : حدثنا أبو نعيم ، أخبرنا زكريا بن أبي زائدة ، ثم ذكر بإسناده مثله ، وبمتنه .
[ ص: 240 ]
4410 - وحدثنا إبراهيم بن أبي داود ، حدثنا عمرو بن عون الواسطي ، حدثنا هشيم ، عن سيار ، حدثنا يحيى بن عباد الأنصاري ، عن جابر قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فتعجلت على بعير لي ، فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم ، فنخس بعيري ، ثم ساومني ، فبعته إياه بسبع أواق ، أو تسع أواق ، ولي ظهره حتى أقدم . فلما قدمت ، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبعير ، فدفعته إليه ، فنقدني ، فلما خرجت إذا رسوله قد دعاني من خلفي ، فقلت في نفسي : أراد أن أقيله ، فلما دخلت عليه قال : " أظننت أني أستقيلك ؟ " ثم قال : " لك البعير ، انطلق به " ، فلما خرجت من عنده ، استقبلني رجل من اليهود ، فأخبرته ، فقال : وزن لك السبع أواق ورد عليك البعير ! فعجب .
4411 - وحدثنا جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي ، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي الزبير ، [ ص: 241 ] عن جابر قال : أتى علي نبي الله صلى الله عليه وسلم وأنا على بعير أعجف ، فأخذ بخطامه ، وبيده عود ، فنخسه ودعا ، - أو قال : فدعا ونخسه - وقال : " اركبه " ، فركبته ، فكنت أحبسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسمع حديثه ، فأتى علي ، فقال : أتبيعني جملك يا جابر ؟ " قلت : نعم يا رسول الله ، ولي ظهره ، فقال : " ولك ظهره " . فاشتراه منه بخمس أواق ، فلما قدمت المدينة ، أتيت عليه ، فأعطاني الأواق ، وزادني .
4412 - وحدثنا أحمد بن محمد بن مسلم المكي الخلال ، حدثنا ابن أبي عمر ، حدثنا هشام ، عن ابن جريج ، أخبرني عطاء وغيره ، يزيد بعضهم على بعض لم يبلغه كله رجل واحد منهم ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، وكنت على جمل ثفال ، يقول : إنما هو في آخر القوم ، فمر بي النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " من هذا ؟ قال : جابر . فقال : " ما لك ؟ " قلت : إني على جمل ثفال ، قال : " معك قضيب ؟ " قلت : نعم يا رسول الله ، قال : " أعطنيه " ، فأعطيته ، وضربه ونخسه وزجره ، وكان من [ ص: 242 ] ذلك المكان في أول القوم ، قال : " أتبيعنيه ؟ " قلت : هو لك يا رسول الله ، قال : " بل بعنيه ، قد أخذته بأربعة دنانير ، ولك ظهره حتى آتي المدينة .
4413 - وحدثنا فهد ، حدثنا عاصم بن علي بن عاصم ، حدثنا شريك بن عبد الله ، عن المغيرة ، عن عامر ، عن جابر . وابن أبي ليلى ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : اشترى النبي صلى الله عليه وسلم مني بعيرا - قال أبو جعفر : سقط من كتابي " مني " - على أن لي ظهره سفره أو سفري ذلك ، ثم حملني عليه .
[ ص: 243 ] فقال قائل : ففي هذا الحديث اشتراط رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر ركوب ذلك البعير الذي ابتاعه منه إلى أهله ، وعقد البيع بينه وبينه على ذلك ، فأجاز بذلك ، وفرع البيع على مثل هذا الشرط ، واحتج فيه بهذه الآثار .
فتأملنا هذا الحديث لنقف على إيجابه ذلك كما قال أم لا . ؟
4414 - فوجدنا فهدا قد حدثنا قال : حدثنا معلى بن أسد ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا الجريري ، عن أبي نضرة ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فتخلف ناضحي ، فجعلت أركبه ، لا يكاد يتحرك ، فلحقني رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلفي ، وقال : " من هذا المتخلف عن الناس ؟ فقلت : جابر . قال : " ما خلفك ؟ " قلت : ناضحي هذا ، أركبه لا يكاد يتحرك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمعك شيء ؟ " قلت : نعم ، فناولته عودا كان معي ، فنخسه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : " اركب فسم الله " ، فركبته ، فوالذي بعثه بالحق لقد رأيتني أكفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : " يا جابر ، أتبيعني ناضحك هذا إذا قدمنا المدينة بدينار ، والله يغفر لك ؟ " قلت : يا رسول الله ، إذا قدمنا المدينة فهو ناضحك ، قال : [ ص: 244 ] " فبعنيه بدينارين والله يغفر لك " ، فما زال يزيدني ويقول مع كل دينار : " يغفر الله لك " ، حتى بلغ عشرين دينارا ، فلما قدمنا المدينة ، جئت بالناضح أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : هذا ناضحك يا رسول الله ، فقال : يا بلال ، أعطه عشرين دينارا .
4415 - ووجدنا يزيد بن سنان حدثنا قال : حدثنا الحسن بن عمر بن شقيق ، حدثنا جرير بن عبد الحميد ، عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن جابر بن عبد الله قال : أقبلنا من مكة إلى المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأعيى جملي ، فتخلفت عليه أسوقه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلف لحاجة له ، فلحقني ، فقال : " ما لك متخلفا ؟ قلت : لا يا رسول الله ، إلا أن جملي ظلع علي ، فأردت أن ألحقه بالقوم ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بذنبه ، فضربه ، ثم زجره ، وقال : " اركب " ، قال : فلقد رأيتني [ ص: 245 ] يعدو بي ، قال : ثم قال لي : " بعني جملك " ، قلت : لا ، بل هو لك ، قال : " لا ، بل بعنيه " ، قلت : لا ، بل هو لك ، قال : " لا ، بل بعنيه " ، قلت : فإن لرجل علي أوقية من ذهب ، فهو لك بها ، قال : " قد أخذته " ، قال : " فتبلغ عليه إلى المدينة " ، فلما قدمت المدينة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال : " أعطه أوقية من ذهب ، وزده " ، فأعطاني أوقية من ذهب ، وأعطاني قيراطين ، قلت : لا تفارقني زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فكان في كيس لي ، فأخذه أهل الشام يوم الحرة .
قال أبو جعفر : ففي هذين الحديثين غير ما في الأحاديث الأول ، وفي الأول منهما من قول النبي صلى الله عليه وسلم لجابر : " أتبيعني ناضحك هذا إذا قدمنا المدينة ؟ " وفي الثاني ابتياعه إياه منه بلا شرط كان بينهما في ذلك الابتياع .
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك لجابر : " تبلغ عليه إلى المدينة " تفضلا منه عليه ، وهذان المعنيان خلاف المعاني الأول التي في الأحاديث التي ذكرناها في هذا الباب ، وليس رواة هذين الحديثين [ ص: 246 ] بدون رواة الأحاديث الأول في المقدار في العلم ، ولا في الضبط ، ولا في المقادير عند أهله ، فإذا تكافأت الروايات في ذلك ارتفعت ، ولم يكن بعضها أولى أن يحمل عليه ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بما روي عنه في غيرها ، فخرج بحمد الله أن يكون في هذا الحديث ما يوجب جواز البيع بهذا الشرط ، ووافق ما قد رويناه عن عمر ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمر ، وزينب زوجة عبد الله بن مسعود في النهي عن البيع بالشرط فيه ما ليس منه .
[ ص: 247 ] [ ص: 248 ] وقد وافق ذلك أيضا ما قد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من نهيه عن بيع وسلف .
4416 - كما حدثنا نصر بن مرزوق ، حدثنا الخصيب ، أخبرنا حماد بن سلمة ، عن داود بن أبي هند ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف ، وعن شرطين في بيعة .
[ ص: 249 ]
4417 - وكما حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، حدثنا مسدد قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يحل سلف وبيع ، ولا شرطان في بيع .
[ ص: 250 ]
4418 - وكما حدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا حماد بن زيد ، ثم ذكر بإسناده مثله .
4419 - وكما حدثنا أبو أمية ، حدثنا محمد بن الفضل السدوسي ، حدثنا حماد بن زيد ، ثم ذكر بإسناده مثله .
4420 - وكما حدثنا الحسن بن عبد الله بن منصور ، حدثنا الهيثم بن جميل ، حدثنا هشيم ، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
4421 - وكما حدثنا محمد بن خزيمة قال : حدثنا عبد الله بن رجاء قال : أخبرنا همام بن يحيى ، عن عامر الأحول ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله .
[ ص: 251 ]
4422 - وكما حدثنا يونس ، أخبرني عبد الله بن نافع المديني ، عن داود بن قيس ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف .
قال أبو جعفر : فدل ذلك على أن هذه الأشياء التي ليست من البياعات إذا كانت فيها أفسدتها ، والله الموفق .


