3045 ص: وأما ما احتجوا به مما رويناه عن  عمر   - رضي الله عنه - فلا حجة لهم فيه أيضا عندنا ; لأن  عمر   - رضي الله عنه - لم يأخذ ذلك منهم على أنه واجب عليهم ، وقد بين السبب -الذي من أجله أخذ ذلك منهم  عمر بن الخطاب   - حارثة بن مضرب   . 
حدثنا فهد  ، قال : ثنا محمد بن القاسم -المعروف بسحيم - الحراني  ، قال : ثنا  زهير بن معاوية  ، قال : ثنا  أبو إسحاق  ، عن حارثة بن مضرب  ، قال :  "حججت مع  عمر بن الخطاب   - رضي الله عنه - ، فأتاه أشراف من أشراف أهل الشام فقالوا : يا أمير المؤمنين  ، إنا قد أصبنا دواب وأموالا ، فخذ من أموالنا صدقة تطهرنا بها ، وتكون لنا زكاة . فقال : هذا شيء لم يفعله اللذان كانا قبلي ، ولكن انتظروا حتى أسال المسلمين ، فسأل أصحاب رسول الله - عليه السلام - فيهم  علي بن أبي طالب  ، فقالوا : 
 [ ص: 89 ] حسن،  وعلي   - رضي الله عنه - ساكت لم يتكلم معهم . فقال : ما لك يا أبا الحسن  لا تتكلم ؟ قال : قد أشاروا عليك ولا بأس بما قالوا إن لم يكن أمرا واجبا وجزية راتبة يؤخذون بها . قال : فأخذ من كل عبد عشرة ، ومن كل فرس عشرة ، ومن كل هجين ثمانية ، ومن كل برذون أو بغل خمسة دراهم في السنة ، ورزقهم كل شهر الفرس عشرة دراهم ، والهجين ثمانية ، والبغل خمسة خمسة ، والمملوك جريبين كل شهر   "  . 
فدل هذا الحديث على أن ما أخذ منهم  عمر  من أجله ما كان أخذ منهم في ذلك أنه لم يكن زكاة ولكنها صدقة غير زكاة . وقد قال لهم  عمر   - رضي الله عنه - :  "إن هذا لم يفعله اللذان كانا قبلي- يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  وأبا بكر   - رضي الله عنه - "  . فدل ذلك على أن رسول الله - عليه السلام -  وأبا بكر   - رضي الله عنه - لم يأخذا مما كان يحضرهما من الخيل صدقة ، ولم ينكر على  عمر   - رضي الله عنه - ما قال من ذلك أحد من أصحاب رسول الله - عليه السلام - ، ودل قول علي  لعمر   - رضي الله عنهما - : "قد أشاروا عليك إن لم يكن جزية راتبة وخراجا واجبا " ، وقبول  عمر   - رضي الله عنه - ذلك منه أن  عمر  إنما كان أخذ منهم ما أخذ بسؤالهم إياه أن يأخذه منهم فيصرفه في الصدقات ، وأن لهم منع ذلك منه متى أحبوا ، ثم سلك  عمر   - رضي الله عنه - بالعبيد أيضا في ذلك مسلك الخيل فلم يكن ذلك بدليل على أن العبيد الذين لغير التجارة تجب فيهم صدقة ، وإنما كان ذلك على التبرع من مواليهم بإعطاء ذلك ، فكذلك ما أخذه منهم بسبب الخيل ليس ذلك بدليل على أن الخيل فيها صدقة ، ولكن ذلك على التبرع من أربابها بإعطاء ذلك . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					