3238 3239 3240 3241 3242 3243 3244 3245 3246 ص: وكان من الحجة على أهل المقالة الأولى التي قد ذكرناها لأهل المقالة الثانية التي قد وصفناها : أنا قد رأيناهم كانوا مع رسول الله - عليه السلام - بعد أن أباح لهم الإفطار في السفر يصومون فيه .
فمما روي في ذلك :
ما حدثنا يزيد بن سنان وربيع الجيزي وصالح بن عبد الرحمن ، قالوا : حدثنا القعنبي ، قال : ثنا هشام بن سعد ، عن عثمان بن حيان الدمشقي ، عن أم الدرداء ، قالت : قال أبو الدرداء : "لقد رأيتنا مع رسول الله - عليه السلام - في بعض أسفاره في يوم شديد الحر حتى إن الرجل ليضع يده على رأسه لشدة الحر وما منا صائم إلا رسول الله - عليه السلام - وعبد الله بن رواحة " .
حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن عاصم ، عن أبي نضرة ، عن جابر - رضي الله عنه - قال : " كنا مع رسول الله - عليه السلام - في سفر ، فمنا الصائم ومنا المفطر ، فلم يكن يعيب بعضنا على بعض " .
[ ص: 357 ] حدثنا علي بن شيبة ، قال : ثنا روح بن عبادة ، قال : ثنا شعبة ، قال : سمعت قتادة يحدث ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال : "كنا مع رسول الله - عليه السلام - يوم فتح مكة لتسع عشرة من رمضان ، فصام صائمون ، وأفطر مفطرون ، فلم يعب هؤلاء على هؤلاء ، ولا هؤلاء على هؤلاء " .
حدثنا علي بن شيبة ، قال : ثنا روح ، قال : ثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة . . . فذكر بإسناده مثله . غير أنه قال : "لثنتي عشرة " .
حدثنا علي ، قال : ثنا روح ، قال : ثنا هشام بن أبي عبد الله ، عن قتادة . . . فذكر بإسناده مثله . غير أنه قال : "لثمان عشر " .
حدثنا أبو بكرة ، قال : ثنا وهب ، قال : ثنا هشام . . . فذكر بإسناده مثله .
حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : ثنا هشام . . . فذكر بإسناده مثله . غير أنه لم يذكر فتح مكة .
حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو معاوية ، عن عاصم ، عن مورق العجلي ، عن أنس قال : "خرجنا مع رسول الله - عليه السلام - في سفر ، فنزلنا في يوم شديد الحر ، فمنا الصائم ومنا المفطر ، فنزلنا منزلا في يوم حار وأكثرنا ظلا صاحب الكساء ، ومنا من يستر الشمس بيده ، فسقط الصوام ، وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب ، فقال رسول الله - عليه السلام - : ذهب المفطرون بالأجر اليوم " .
حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك قال : "سافرنا مع رسول الله - عليه السلام - فلم يعب الصائم على المفطر ، ولا المفطر على الصائم " .
فدل ما ذكرنا في هذه الآثار أن ما كان من إفطار رسول الله - عليه السلام - وأمره أصحابه بذلك ليس على المنع من الصوم في السفر ، وأنه على الإباحة في الإفطار .


