الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وعمل العامل : جميع ما يفتقر إليه عرفا : [ ص: 391 ] كإبار ، وتنقية ، [ ص: 392 ] ودواب وأجراء ، وأنفق ، وكسا

التالي السابق


( وعمل ) عامل المساقاة ( جميع ما ) أي العمل الذي ( يفتقر ) أي يحتاج الحائط ( إليه عرفا ) بضم فسكون ، أي في عرف وعادة أهل البلد ، ولا يشترط تفصيله لقيام العرف مقام الوصف . فإن لم يكن لهم عرف فلا بد من وصفه من عدد حرث وسقي ماء وسائر الأعمال قاله الباجي . فيها للإمام مالك " رضي الله عنه " جميع العمل والنفقة وجميع المؤنة على العامل وإن لم يشترط ذلك عليه . عياض من الشروط أن يكون العمل على العامل . الحط في أكثر النسخ عمل بصيغة الفعل الماضي من العمل والعامل فاعله وجميع مفعوله . وفي بعض النسخ وعلى العامل بجر العامل بعلى ورفع جميع على أنه مبتدأ تقدم خبره ، والمعنى واحد على أن على أبين في الدلالة على اللزوم فيها وجه العمل في المساقاة أن جميع العمل والنفقة وجميع المؤنة على العامل وإن لم يشترط ذلك عليه . ا هـ . يعني جميع العمل [ ص: 391 ] الذي تفتقر إليه الثمرة وينقطع بانقطاعها أو يبقى بعدها منه الشيء اليسير ، ففي المقدمات عمل الحائط الذي لا يتعلق بإصلاح الثمرة لا يلزم العامل ولا يصح اشتراطه عليه إلا اليسير كسد الحظير وإصلاح الضفيرة ، وإن تعلق بإصلاح الثمرة وكان ينقطع بانقطاعها ويبقى بعدها منه الشيء اليسير فهذا الذي يلزم الساقي كالحظر والسقي وزبر الكروم وتقليم الشجر والتسريب والتسديد وإصلاح مواضع السقي والتذكير والجذاذ وما أشبه ذلك . وإن كان يتأبد ويبقى بعد انقطاع الثمرة كإنشاء حفر بئر أو إنشاء ضفيرة أو إنشاء غراس أو بناء بيت تجنى فيه الثمرة كالجرين وما يشبه ذلك يلزم العامل ، ولا يجوز اشتراطه عليه عند المساقاة . ابن الحاجب لا يشترط تفصيل العمل ويحمل على العرف . ابن عبد السلام لعل مراده إن كان العرف منضبطا وإلا فلا بد من البيان .

( كإبار ) بكسر الهمز وشد الموحدة ، أي تأبير النخل بتعليق ثمر الذكر ووضعه على ثمرة الأنثى . عياض الإبار والتلقيح والتذكير بمعنى واحد . وفي الصحاح إبار النخل تلقيحه ، يقال نخلة مؤبرة مثل مأبورة ، والاسم منه الإبار أو على وزن الإزار . ا هـ . والجاري على الألسنة التشديد وهو جائز . الزمخشري في قوله تعالى { وكذبوا بآياتنا كذابا } فعال في باب فعل فاش في كلام فصحاء العرب لا يقولون غيره ، وسمعني بعضهم أفسر آية فقال لقد فسرتها فسارا ما سمع بمثله . وقال بعضهم هي لغة يمانية وفيها لا بأس باشتراط التلقيح على رب الحائط ، فإن لم يشترط عليه فعلى العامل . اللخمي اختلف قول الإمام مالك رحمه الله تعالى في الإبار فجعله مرة على رب الحائط ومرة على العامل ، فتأول بعضهم ذلك على أن على رب الحائط الشيء الذي يلقح به ، وعلى العامل العمل . اللخمي وليس بالبين وحمله بعضهم على الخلاف .

( و ) ك ( تنقية ) لعين ومنافع شجر قاله تت . طفى الصواب حمله على تنقية الحياض التي حول الشجر لا على تنقية العين لأنه سيأتي أن كنس العين على رب الحائط ، ويجوز اشتراطها على العامل وإن كان المراد بها غير الكنس فلا مستند له ، إذ لم ير من ذكر ذلك . [ ص: 392 ]

فإن قلت كنس الحياض أي تنقيتها سوى في المدونة بينه وبين كنس العين في كونهما على رب الحائط إلا لشرط ، ففيها وإنما يجوز لرب الحائط أن يشترط على العامل ما تقل مؤنته مثل سرو الشرب ، وهي تنقية ما حول النخل من مناقع الماء ، وخم العين وهو كنسها ا هـ . قلت المصنف تبع ابن الحاجب التابع لابن شاس القائل : وعلى العامل السقي والإبار والتقليم وسرو الشرب وهي تنقية الحياض التي حول الشجر ، ثم قال فأما سد الحظار وخم العين وهو كنسها ورم القف وهو الحوض الذي يسقط فيه ماء الدلاء ثم يجري منه إلى الضفيرة فلا يجب على العامل وإن جاز اشتراطه عليه ا هـ . ويحتمل أن المراد بالتنقية تنقية النبات ، وهو ظاهر قول ابن الحاجب العمل هو القيام بما تفتقر إليه الثمرة من السقي والإبار والتنقية والجذاذ . ابن عبد السلام في معنى السقي والتنقية الدراس . ابن فرحون يدخل في التنقية تنقية الحب ولقطه في الحصاد وتنقية الثمر يوم الجذاذ . ا هـ . وعلى كل حال فلا يصح تفسيرها بما ذكره تت تبعا للشارح . عياض سرو الشرب بفتح السين المهملة وسكون الراء في الكلمة الأولى وفتح الشين المعجمة والراء في الكلمة الثانية الشربة الحفرة حول النخلة يجتمع الماء فيها يسقيها جمعها شربات وسروها كنسها مما يقع فيها .

( و ) ك ( دواب وأجراء ) بضم الهمز وفتح الجيم ممدودا جمع أجير ، من المدونة والواضحة السنة في المساقاة أن على العامل جميع المؤنة والنفقة والأجراء والدواب والدلاء والجمال والأداة من حديد وغيره إلا أن يكون شيء من ذلك في الحائط يوم عقد المساقاة ، فللعامل الاستعانة به وإن لم يشترط .

( وأنفق ) العامل على دواب الحائط ورقيقه فيما تلزمه نفقة دواب الحائط ورقيقه كانوا له أو لرب الحائط ( وكسا ) العامل رقيق الحائط المحتاج لكسوة . الحط يعني أن العامل يلزمه أن ينفق على الدواب والأجراء وأن يكسوهم سواء كانوا له أو لرب الحائط ، [ ص: 393 ] هذا مذهب المدونة ، ففيها وعليه نفقة نفسه ونفقة دواب الحائط ورقيقه كانوا له أو لرب الحائط ، ولا يجوز أن يشترط نفقتهم أو نفقة نفسه على رب الحائط . ربيعة ولا بينهما ، ولا يكون شيء من النفقة في ثمرة الحائط . ا هـ . أبو الحسن قول ربيعة تفسير اللخمي في مختصر ما ليس في المختصر نفقة دواب رب الحائط عليه




الخدمات العلمية