الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 188 ] ولو ذميا باع المسلم لذمي : كذميين تحاكموا إلينا ،

التالي السابق


وتتعلق بمبيع الشريك مشاعا من ربع ينقسم اتفاقا إن كان الشريك مسلما باع شريكه المسلم لمسلم ، أو ذمي أو ذميا باع شريكه المسلم لمسلم ، بل ( ولو ) كان الشريك ( ذميا باع ) شريكه ( المسلم ) شقصه كله أو بعضه ( لذمي ) آخر وأشار ب ولو إلى قول ابن القاسم لا شفعة في هذه لأن الخصومة فيها بين ذميين فلا نحكم فيه حتى يترافعا إلينا راضيين بحكمنا . وشبه في ثبوت الشفعة فقال ( ك ) الشفعة بين شريكين ومشتر من أحدهما ( ذميين ) بكسر الياء الأولى جمع ذمي ( تحاكموا ) أي ترافعوا إلينا لنحكم بينهم بحكم الإسلام فنحكم بها بينهم ، وإن لم يتحاكموا إلينا فلا ، وكذا إن طلب بعضهم حكمنا وأبى غيره .

" ق " فيها للإمام مالك رضي الله تعالى عنه إذا كان دار بين مسلم وذمي فباع المسلم حصته من مسلم أو ذمي فلشريكه الذمي الشفعة كما لو كان مسلما . ابن يونس لأنه حق موضوع لإزالة الضرر عن المال ، فاستوى فيه المسلم والكافر كالرد بالعيب . ابن القاسم في المجموعة إذا باع المسلم شقصه من نصراني والشفيع نصراني فلا شفعة له لأن الخصمين [ ص: 189 ] نصرانيان ، ولو باع النصراني نصيبه من النصراني فللمسلم الشفعة أراد بلا خلاف ، قال ولو كانت بين ذميين لم أقض بينهما بالشفعة ، إلا إذا تحاكما إلينا .

( تنبيهات )

الأول : علم أن تخصيص الذمي الذي باع شريكه المسلم لذمي لأنه مختلف فيه .

الثاني : ظاهر كلامه ثبوت الشفعة للمسلم ولو باع شريكه الذمي لذمي بخمر أو خنزير ، وهو كذلك ، لكن اختلف أيأخذ بقيمة الشقص أو بقيمة الثمن قولان لأشهب وابن عبد الحكم .

الثالث : في أول سماع يحيى من كتاب الشفعة وسألت ابن القاسم عن النصرانيين الشريكين في الأرض يبيع أحدهما حظه من مسلم أو نصراني فتجب الشفعة لشريكه أيقضي له بها على المشتري مسلما كان أو نصرانيا فقال أما على المسلم فيقضي بها للنصراني ، لأني قد كنت أقضي بها للمسلم على النصراني . وأما إذا كان الشفيع نصرانيا لو كان شريكه مسلما أو نصرانيا فاشترى نصراني نصيب شريكه النصراني أو المسلم فلا أرى أن يقضي بينهما بشيء لأن الطالب والمطلوب نصرانيان ، فيردان إلى أهل دينهما لأن المطلوب يقول ليس في ديننا الحكم بالشفعة ، فلا أرى للمسلم أن يحكم بينهما إلا أن يتراضيا على ذلك .

ابن رشد تحصيل القول في هذه المسألة أنه إذا كان الشفيع أو المشفوع عليه مسلما قضى بالشفعة لكل واحد منهما على الآخر باتفاق لأنه حكم بين مسلم ونصراني . واختلف إذا كان الشفيع والمشفوع عليه نصرانيين والبائع مسلما فقال في هذه الرواية لا يقضى في ذلك بها ، ويردان إلى أهل دينهما لأنهما نصرانيان . وفي الأسدية وبعض روايات المدونة يقضى بها في ذلك لكون البائع مسلما ، وقاله أشهب في المجموعة ا هـ .




الخدمات العلمية