الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 128 ] وملكه إن اشتراه ، ولو غاب [ ص: 129 ] أو غرم قيمته إن لم يموه ورجع عليه بفضلة أخفاها

التالي السابق


( وملكه ) أي الغاصب المغصوب ( إن اشتراه ) أي الغاصب المغصوب من المغصوب منه إن كان المغصوب حاضرا ببلد شرائه ، بل ( ولو غاب ) المغصوب ببلد آخر ، لأن الأصل سلامته . وأشار بولو لقول أشهب إنما يجوز شراؤه غائبا إذا عرف قيمته وبذل ما يجوز بذله فيها ، وهذا على أنه لا يشترط في بيع المغصوب لغاصبه رده لربه مدة ، وهو أحد شقي التردد المتقدم في قوله إلا من غاصبه ، وهل إن رد لربه مدة تردد .

" غ " أشار به إلى قولها في كتاب الصرف ولو غصبك جارية جاز أن تبيعها منه هي غائبة ببلد آخر ، وينقدك إذا وصفها لأنها في ضمانه ، والدنانير في ذلك أبين . وأشار بالإغياء إلى خلاف أشهب القائل إنما يجوز أن تبيعها منه وهي غائبة إذا عرف القيمة ، وبذل ما يجوز فيها والقولان مبنيان على أصل السلامة ووجوب القيمة . ابن عبد السلام [ ص: 129 ] دلت هذه المسألة على أن ليس من شرط بيع المغصوب من غاصبه أن يخرج من يد غاصبه ويبقى بيد ربه ستة أشهر فأكثر ، كما شرطه بعضهم وقبله في التوضيح مع أنه قال أول البيوع ومغصوب إلا من غاصبه ، وهل إن رد لربه مدة تردد .

( أو ) أي وملكه إن ( غرم ) بفتح الغين المعجمة وكسر الراء أي دفع الغاصب ( قيمته ) أي المغصوب للمغصوب منه بأن ادعى إباقه أو تلفه وغرمه قيمته فإنه يملكه ( إن لم يموه ) بضم التحتية وفتح الميم وكسر الواو مشددة ، أي يكذب الغاصب في دعواه تلف المغصوب أو إباقه فإن موه فيه فللمغصوب منه رد القيمة وأخذ عين شيه . " ق " فيها لابن القاسم لو قضى على الغاصب بالقيمة ثم ظهرت الأمة بعد الحكم ، فإن علم أنه أخفاها فلربها أخذها ورد ما أخذ وإن لم يعلم ذلك فلا يأخذها ربها إلا أن تظهر أفضل من الصفة بأمر بين فله الرجوع بتمام قيمتها ، وقاله أشهب ، قال ومن قال له أخذها فقد أخطأ . ( و ) إن غاب المغصوب ووصفه غاصبه وقوم عليه بحسب وصفه ، ثم ظهر أنه أكمل مما وصفه به بأمر بين ( رجع ) مالك المغصوب ( عليه ) أي الغاصب ( بفضلة ) أي زيادة على القيمة التي قوم بها ( أخفا ) الغاصب سبب ( ها ) أي الفضلة ، وهو الوصف الموجب لها . " غ " أشار به لقول ابن القاسم فيهما إلا أن يظهر أفضل من تلك القيمة بأمر بين فلربها الرجوع بتمام القيمة وكأن الغاصب لزمته القيمة فجحد بعضها . عياض في بعض رواياتها لرب الجارية أخذها ورد ما أخذه وإن شاء تركها وحبس ما أخذ من القيمة ، وحصل ابن عرفة فيها ثلاثة أقوال ، الأول : انحصار حقه في تمام قيمتها للمدونة . والثاني تخييره فيه وفي أخذها ويرد ما أخذ وهو الذي أنكره أشهب . والثالث : تخييره في أخذها ، وفي التمسك بما أخذ فقط لبعض رواياتها ، قال وعبر المازري عن الأول بالمشهور ولم يفسر مقابله فيحتمل كلا من الأخيرين ، وكان يمضي لنا إجراء القولين على القول بعدم التكفير بنفي الصفات بناء على أن نفي الصفة الثابتة للموصوف لا يستلزم القول بنفيه ، وعلى القول بالتكفير به بناء على أن نفي الصفة الثابتة للموصوف يستلزم القول بنفيه . [ ص: 130 ] الحط أشهب من قال له أخذها فقد أخطأ كما لو نكل الغاصب وحلفت على صفتك ثم ظهرت خلاف ذلك كنت قد ظلمته في القيمة فيرجع عليك بما زدت عليه ولا يكون له رد الجارية . ا هـ . وانظر لو وصفها الغاصب ثم ظهرت أنقص مما وصفها فهل له رجوع أم لا ، وكذا لو وصفها المغصوب منه ثم ظهرت أزيد . .




الخدمات العلمية