الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
إن انقسم ، وفيها الإطلاق ، [ ص: 196 ] وعمل به بمثل الثمن ولو دينا

التالي السابق


( إن انقسم ) أي قبل العقار القسمة فلا شفعة فيما لا يقبلها كالحمام والطاحون والمعصرة والمحبسة والحانوت الصغير . ابن عبد السلام في المدونة ما يدل له . ابن رشد الشفعة إنما تكون فيما يقسم من الأصول دون ما لا ينقسم ، وهذا أمر اختلف فيه أصحاب الإمام مالك رضي الله تعالى عنه في المدونة . قال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه إذا كانت نخلة بين رجلين فباع أحدهما حصته منها فلا شفعة لصاحبه فيها ( وفيها ) أي المدونة أيضا ( الإطلاق ) للعقار الذي فيه الشفعة عن تقييده بقبوله القسمة .

" ق " فيها للإمام مالك رضي الله تعالى عنه في الحمام الشفعة وهو أحق أن تكون فيه الشفعة من الأرضين لما في قسم ذلك من الضرر ، وقاله الإمام مالك وأصحابه أجمع رضي الله تعالى عنهم . ابن الماجشون أبى الإمام مالك من الشفعة في الحمام من قيل إنه لا [ ص: 196 ] ينقسم ، وأنا أرى فيه الشفعة . البناني في المقدمات أن القولين في الشفعة فيما لا يقسم بناء على أن العلة دفع ضرر الشركة أو ضرر القسمة ونحوه لابن عرفة وابن الحاجب ، فعلى أن العلة دفع ضرر القسمة لا شفعة فيما لا ينقسم لأنه لا يجاب لقسمته من طلبها ، حتى يلزم ضرر الشريك بها ، وعلى أنها دفع ضرر الشركة تجب الشفعة مطلقا إذ ضرر الشركة حاصلة فيما ينقسم وما لا ينقسم . وفي الذخيرة أن تقييد الشفعة بما ينقسم هو المشهور ، وأن صاحب المعين ذكر أن به القضاء وهو قول ابن القاسم .

( وعمل ) بضم فكسر أي حكم ( به ) أي الإطلاق صاحب المعين وبه القضاء . ابن حارث وهو جار بقرطبة ، وأفتى به فقهاؤها أفاده تت . ابن عرفة ابن حارث أخبرني من أثق به أن العمل عند أهل الشورى بقرطبة على الشفعة في الحمام . طفي تبع تت الشارح في عزوه لصاحب المعين وهو سهو . قال في المعين إذا كان من شأنه لا ينقسم ولا تتهيأ فيه الحدود فلا شفعة فيه كالحمامات والأرحاء ، وهو قول ابن القاسم ، وبه القضاء ، فأنت تراه قال إن القضاء بعدم الشفعة ، وهكذا عزاه في توضيحه ، وصلة أخذ ( بمثل ) بكسر فسكون ( الثمن ) الذي اشترى الشقص به إن كان مثليا نقدا كان أو غيره إن دفعه المشتري من ماله للبائع حين شرائه ، بل ( ولو ) كان الثمن المثلي ( دينا ) على بائع الشقص لمشتريه فدفع له الشقص عوضا عنه فيأخذ الشفيع بمثله إن وجد وإلا فبقيمته ، قاله الإمام مالك رضي الله تعالى عنه فيمن اشترى بعنبر فلم يوجد مثله .

" ق " فيها مع غيرها ما اشتري بعين أو مثلي فالشفعة فيه بمثل ثمنه ، ومن ابتاع شقصا بثمن إلى أجل فللشفيع أن يأخذه بالثمن إلى ذلك الأجل إن كان مليا أو أتى بضامن ثقة مليء . ابن القاسم وإن قاله البائع للمبتاع أنا أرضى أن يكون مالي على الشفيع إلى الأجل لم يجز لأنه فسخ ما لم يحل من دينه في دين على رجل آخر . عبد الملك إن كان إنما اشترى الشقص بدين له على البائع إلى سنة فلا يأخذ الشفيع إلا بقيمة الدين عرضا يدفعه الآن لأن الدين عرض من العروض ، وكذلك إن لم يقم الشفيع حتى حل الأجل .




الخدمات العلمية