الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 485 ] ويكره : حلي . كإجار مستأجر دابة ، أو ثوب لمثله ،

التالي السابق


( ويكره ) بضم التحتية أن يؤجر ( حلي ) بإهمال الحاء مفتوحة أو مضمومة مع سكون اللام في الأول وكسرها في الثاني لأنه ليس من أخلاق الناس وليس بحرام بين . فيها لابن القاسم لا بأس بإجارة حلي الذهب بذهب أو فضة ، واستثقله الإمام مالك " رضي الله عنه " مرة وخففه مرة . ابن يونس مالك " رضي الله عنه " ليس كراء الحلي من أخلاق الناس ، معناه أنهم كانوا يرون زكاته أن يعار ، فلذلك كرهوا أن يكرى . وشبه في الكراهة فقال ( كإجار ) شخص ( مستأجر ) بكسر الجيم ( دابة ) ليركبها لموضع معين تلك الدابة ( أو [ ص: 486 ] ثوب ) ليلبسه زمنا معينا ذلك الثوب ( ل ) راكب أو لابس ( مثله ) في الخفة أو الثقل والأمانة وأولى لأثقل منه ، ولا مفهوم لمثله فيكره كراؤها لأخف منه ، وأشعر قوله لمثله بأنه اكتراها لركوبها ، فإن اكتراها ليحمل عليها إردبا لموضع معين فلا يكره له كراؤها لمثله .

" ق " فيها لابن القاسم رحمه الله تعالى وإن استأجرت ثوبا تلبسه يوما إلى الليل فلا تعطيه غيرك ليلبسه لاختلاف اللبس والأمانة ، فإن هلك بيدك فلا تضمنه وإن دفعته إلى غيرك ضمنته إن تلف ، وقد كره مالك لمكتري الدابة لركوبها كراءها من غيره كان أخف منه أو مثله ، فإن أكراها فلا أفسخه ، وإن تلفت فلا يضمنها إن كان أكراها فيما اكتراها فيه من مثله في حالته وأمانته وخفته ولو بدا له العدول عن السفر أو ما كريت من مثله ، وكذا الثياب في الحياة والممات ، فليس ذلك ككراء الحمولة والسفينة والدار ، إذ هذا له أن يكريها من مثله في مثل ما اكتراها له . ابن يونس أراد في هذا أنه له أن يكريها بغير كراهية ، وفي الثوب للبس والدابة للركوب يكره له ذلك لاختلاف اللبس والركوب ، فإن أكرى ذلك من مثله فلا يفسخ ولا يضمنها ، وفي سماع عيسى من استأجر أجيرا يعمل له فله أن يؤاجر من غيره لاستحقاقه منافعه . وفي بعض النسخ أو لفظ لمثله بأو العاطفة ، ولفظ فاللام الجر والفظ من الفظاظة وهي عبارة غلقة ، ولعل فيها تقديما أو على لفظ غلطا من الناسخ ، وأصلها لفظ أو لمثله ، والمعنى أنه يكره أن يؤاجرها لفظ أو لمثله والعهدة عليه في كراهة إجارتها لفظ ، فإن الذي في المدونة كراهة إجارتها لمثله أو أخف منه ، وصرح اللخمي بتعديه بإجارتها لفظ أو غير أمين ، وظاهره المنع ، ونص عليه أبو الحسن ، وصرح به في العتبية عن أصبغ في سماع عيسى ، فلو قال المصنف لمثله أو أخف لجرى على لفظ المدونة . ولمالك " رضي الله عنه " في كراء الرواحل إجازة كراء الدابة لمثله أو أخف . أبو الحسن اختلف عن الإمام مالك رضي الله تعالى عنه في كراء الدواب بالجواز [ ص: 487 ] والكراهة ، وأكثر قوله إنه جائز وأقل قوله كراهيته . ا هـ . فقد درج المصنف على القول الأقل مع نقله في توضيحه تبعا لابن عبد السلام كلامها في كراء الرواحل .




الخدمات العلمية