الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 4 - 6 ] تضمن بسقوط شيء عليها ، لا إن انكسرت في نقل مثلها ، وبخلطها ، إلا كقمح بمثله ، أو دراهم بدنانير للإحراز .

التالي السابق


ابن الممسي استشاره جاره في قبول وديعة دينار من غاصب يخشى ضرره إن لم يقبلها منه فقال له ابن الممسي يا أخي إن كنت تقدر على غرمها فخذها منه وتصدق بها على المساكين ، وإذا طلبها المودع فاغرم له عوضها من مالك . وقد سئل أصحاب سحنون عن رجل سرق متاعه ومنه ثوب ديباج ثم رأى الثوب في يد جندي فجزم بأنه ثوبه فاشتراه منه بسبعة دنانير ، ولما فارقه تأمله فوجده غير ثوبه فرجع إلى الجندي وقال أما ظننته ثوبي فاشتريته ، ثم تبين لي أنه غيره ، فقال له الجندي لا بأس عليك ، وحل منطقته وصب منها دنانير وعد سبعة منها فأعطاها له وأخذ الثوب ، فاتفق أصحاب سحنون على أنه يجب عليه أن يتصدق بالدنانير وبقيمة الثوب لأنه رده إلى غيره مالكه . وفي المدونة من غصب [ ص: 6 ] شيئا وأودعه فهلك عند المودع فليس لربه تضمين المودع إلا أن يتعدى الوديعة أمانة فلا يضمنها المودع إلا إذا تعدى عليها .

وأشار المصنف إلى جملة من أسباب التعدي عليها فقال ( تضمن ) بضم الفوقية وسكون الضاد المعجمة وفتح الميم الوديعة ، أي يضمنها المودع بالفتح ( ب ) سبب ( سقوط شيء ) منه ( عليها ) فأتلفها ولو خطأ لأنه كالعمد في أموال الناس ( لا ) تضمن ( إن انكسرت في ) حال ( نقل ) ها نقل ( مثلها ) بغير تفريط ، فإن نقلها نقلا مخالفا لنقل مثلها فتلفت فيضمنها لتعديه عليها . " ق " أشهب وعبد الملك من أودع جرارا فيها إدام ، أو قوارير فسقط من يده عليها شيء فانكسرت أو رمى شيئا في بيته يريد غيرها فأصابها فانكسرت ضمنها ابن الحاجب لو استودع جرارا وشبهها فنقلها نقل مثلها فتكسرت فلا يضمنها ، ولو سقط من يده شيء فكسرها فيضمنها لأنها جناية خطأ .

( و ) تضمن ( ب ) سبب ( خلطها ) أي الوديعة بغيرها له أو لغيره خلطا يتعسر معه تمييزها من غيرها ( إلا ) خلط ( كقمح بمثله ) جنسا وصفة فلا يضمنها . الحط قوله كقمح بمثله شامل لخلط كل جنس بجنسه المماثل له حتى الدراهم بمثلها والدنانير بمثلها ( و ) إلا خلطها بغير جنسها مع تيسر تمييزها منه بغير كلفة كخلط ( دراهم بدنانير ) وقطن بكتان فلا تضمن إذا كان الخلط ( للإحراز ) أي الحفظ فيهما ، هذا ظاهره هنا . وفي التوضيح إنه قيد في الأولى فقط وكأنه رأى هنا أنه لا فرق بينهما .




الخدمات العلمية