الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 171 ] لا صداق حرة أو غلتها

التالي السابق


( و ) من اشترى أمة بكرا أو ثيبا ووطئها ثم استحقت بحريتها ف ( لا ) يضمن ( صداق حرة ) اشتراها على أنها أمة ووطئها بكرا كانت أو ثيبا ثم استحقت نفسها بالحرية فلا يضمن صداقها عند مالك وابن القاسم رضي الله تعالى عنهما . المصنف وهو المشهور المعروف ، ولا ما نقصها في الشامل على الأصح ( أو ) أي ولا يضمن المشتري ( غلتها ) أي الحرة كمن ورث دارا مثلا فاستحقت حبسا فلا خراج عليه عند ابن القاسم . ابن رشد وبه جرى العمل عندنا . " ق " فيها لمالك " رضي الله عنه " من ابتاع أمة فوطئها وهي ثيب أو بكر فافتضها ثم استحقت بملك أو حرية فلا شيء عليه للوطء لا صداق ولا ما نقصها . ابن يونس كأنه رأى لما وطئت على الملك لم يكن لها صداق ، وكذلك يقول لو اغتلها أن الغلة للمشتري والأشبه أن لا غلة له إذ لا ضمان عليه فيها ولأنها لو ماتت لرجع بثمنه .

الحط ما ذكره المصنف هو المذهب من أن العبد إذا استحق بحرية لا يرجع على سيده بما اغتله منه من خراجه وأجرة عمله ولا بأجرة ما استخدمه فيه وكذا لو كاتبه ثم استحق بحرية بعد قبض السيد الكتابة فلا يرجع عليه بها ، بخلاف جرحه وأخذ السيد أرشه فله الرجوع عليه بالأرش الذي أخذه من جارحه . وكذا لو كان له مال اشتراه معه أو أفاده العبد من فضل خراجه أو عمله ، أو تصدق به عليه ، أو وهب له فانتزعه سيده فله الرجوع عليه به . أما لو وهب له السيد مالا أو استخيره بمال فاستفاد فيه ، وقال إنما دفعته إليه لأنه عبدي ، وكنت أرى أن لي انتزاعه متى شئت فللسيد أن يرجع في [ ص: 172 ] ذلك كله . وأما إن قال له اتجر بهذا المال لنفسك فليس له إلا رأس ماله .

واختلف إذا أعطاه أو تصدق عليه بعد أن أعتقه وهو يرى أنه مولاه ثم استحق بحرية أو ملك ، فقيل له الرجوع عليه بذلك ، وقيل لا رجوع له عليه ، قاله جميعه في رسم يدبر من سماع عيسى من كتاب الاستحقاق ، وكذلك الأرض المستحقة بحبس لا يرجع بغلتها على القول المفتى به ، وصرح به ابن رشد في مسائل الحبس من نوازله .

قال في التوضيح وهو الذي جرى به العمل ، وهذا إذا لم يعلم المستحق من يده بالحبس . فإن علم به واستغله فيرجع عليه بغلته إلا إذا كان بائع الحبس المحبس عليه ، فإن كان رشيدا عالما بالحبس فلا رجوع له بغلته ، ولو كان المشتري عالما بذلك ، ذكره ابن سهل ، ونصه ابن العطار إذا فسخ بيع الحبس فغلته فيما سلف قبل ثبوت تحبيسه للمبتاع لا يرجع عليه بشيء منها إذا لم يعلم بالحبس بعد حلفه أنه لم يعلم به ، وما كان في رءوس الشجر من التمر وقت الاستحقاق فهو للذي ثبت له أصل التحبيس في حين ثباته ، وإن كان في إبان الحرث فعليه كراء الأرض ، وإن كان بائع الحبس المحبس عليه رجع عليه بالثمن ، فإن لم يكن له مال وثبت عدمه حلف للمبتاع وأخذ من غلة الحبس عاما بعام ، فإن مات المحبس عليه قبل استيفاء الثمن رجع الحبس إلى من يستحقه ولم يكن للمبتاع شيء منه ، فإن كان بائع الحبس كبيرا عالما بالتحبيس عوقب بالأدب والسجن على بيعه إن لم يكن له عذر . ابن سهل ينبغي إن كان مالكا لنفسه مع ذلك أن لا يكون له طلب المبتاع بشيء من الغلة ، وإن علم حين ابتياعه أنه حبس .

وقد نزلت بقرطبة ، وأفتيت فيها بذلك ، وخالفني فيها غيري وخلافه خطأ ا هـ . وصرح لهذا المشذالي ، ونصه سأل اللؤلؤي عمن حبس عليه حبس فباعه والمشتري عالم بأنه حبس فاستغله مدة ثم نقض البيع ، فقال لا يرد الغلة لأن البائع عالم فهو واهب الغلة إلا أن يكون له شريك أو يكون الحبس معقبا فلشريكه نصيبه منها ا هـ . البناني هذا مخالف لما في التحفة ، إذ قال فيها : [ ص: 173 ]

وما يبيع من عليه حبسا يرد مطلقا ومع علم أسا والخلف في المبتاع هل يعطي الكرا
واتفقوا مع علمه قبل الشرا

ابن الناظم ما أفتى به ابن سهل معارض لما نقله الشيخ من الاتفاق على رد الغلة إذا علم قبل الشراء ، وما قاله ابن سهل لا يخلو من نظر والأظهر رجحان قول من خالفه في تسويغ الغلة للعالم بالتحبيس قبل ابتياعه وتمكينه من ثمرة عقد باطل لا شبهة له فيه ا هـ .

البناني وفيه سلف جر نفعا ، إذ علمه بالتحبيس قبل الشراء دخول على فسخه ورجوع ثمنه له بعد غيبة بائعه عليه ، وهو سلف ، والغلة منفعة في السلف ا هـ .




الخدمات العلمية