الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 62 ] 367 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : لو كان الإيمان بالثريا ومن قوله : لو كان الدين بالثريا لناله رجال من أبناء فارس

2295 - حدثنا يوسف بن يزيد ، قال : حدثنا سعيد بن منصور قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن أبيه ، عن قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لو كان الإيمان بالثريا لناله ناس من أهل فارس .

2296 - حدثنا يوسف بن يزيد قال : حدثنا سعيد بن منصور قال : حدثنا عبد العزيز الدراوردي قال : سمعت ثور بن زيد يذكر عن أبي الغيث ، [ ص: 63 ] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية : وآخرين منهم لما يلحقوا بهم كلمه فيها الناس ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على سلمان فقال : لو كان الدين بالثريا لناله رجال من هؤلاء .

2297 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : حدثنا ابن وهب قال : أخبرني سليمان بن بلال ، عن ثور بن زيد ، عن سالم أبي الغيث ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلت سورة الجمعة : وآخرين منهم لما يلحقوا بهم . فقال رجل : من هؤلاء يا رسول الله ؟ فلم يجبه حتى سأله ثلاث مرات وفينا سلمان الفارسي فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان وقال : لو كان الإيمان بالثريا لناله رجال من هؤلاء .

[ ص: 64 ]

2298 - حدثنا يوسف قال : حدثنا سعيد بن منصور قال : حدثنا عبد العزيز الدراوردي قال : حدثني شعيب من ولد أمية بن زيد من الأنصار قال : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لو كان الدين بالثريا لناله رجال من الفرس أو قال من الأعاجم ، شك عبد العزيز .

وقد روي عن أبي هريرة في العلم مثل هذا أيضا في حديث فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وشيء عن أبي هريرة مما هو محتمل عندنا أن يكون ما فيه من ذكر العلم من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، ومحتمل أن يكون من كلام أبي هريرة ، فإن يكن عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو كهذين الحديثين ، وإن يكن من كلام أبي هريرة فإن أبا هريرة لم يقل ذلك رأيا وإنما قاله بأخذه إياه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أو بأخذه إياه عمن أخذه عن النبي صلى الله عليه وسلم .

[ ص: 65 ]

[ ص: 66 ]

2299 - وهو ما قد حدثنا أبو أمية قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا شيبان ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ويل للعرب من شر قد اقترب ، أفلح من كف يده ، تقربوا يا بني فروخ إلى الذكر ؛ فإن العرب قد أعرضت والله ، والله إن منكم رجالا لو كان العلم بالثريا لنالوه .

وقد وجدنا عن أبي هريرة رضي الله عنه .

2300 - كما حدثنا بكار قال : حدثنا أبو عاصم قال : حدثنا عوف الأعرابي قال : حدثنا شهر بن حوشب ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن العلم بالثريا لتناله رجال من أبناء فارس .

[ ص: 67 ] فتأملنا هذه الآثار لنقف على المراد بما فيها - إن شاء الله - فوجدنا ذلك على المثل كما يقول الرجل لصاحبه : أنت مني كالثريا أي : في البعد ، أو كمثل قوله في ضد ذلك من القرب : أنت مني مؤخر القلب ، وأنت مني نصب عيني ، وأنت مني كذراعي من عضدي ... في أمثال ذلك ، وكانت الثريا لا إيمان ولا دين ولا علم بها فقيل ذلك على المثل ، كما قيل في بقية الأشياء .

وقد يحتمل أن يكون ذلك لم يقل على المثل ، وقيل على أنه لو كان هناك كان لا بد من الوصول إليه ؛ لأن تلك الأشياء إنما تراد لإيمان العباد بها ولأخذهم لها ، ولعلمهم بها ، ومن ذلك قول الله - عز وجل - : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون .

[ ص: 68 ] فكان ذلك على أنه لو جعلت تلك الأشياء هناك ، وكانت في أنفسها إنما أريدت لما قد ذكرنا جعل الله عز وجل لمن أرادها سببا إلى الوصول إليها بلطيف حكمته ، وكان الذي ذكرهم من أبناء فارس أشدهم طلبا لها ومسارعة إليها وتمسكا بها ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية