الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 397 ] 704 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كان منه من الرجوع إلى أقوال عرفاء المسلمين فيما ذكروه له مما كان من القوم الذين هم عرفاؤهم في السبايا اللائي أراد إطلاقهم لقومهم

قال أبو جعفر : قد ذكرنا في الباب الذي قبل هذا الباب من حديث ابن أبي داود الذي بدأنا بذكره فيه رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم في السبايا إلى ما ذكر له العرفاء أنه قد كان فيهم من القوم الذين هم عرفاء عليهم ، وقد روي في ذلك أيضا

4513 - ما قد حدثنا أحمد بن شعيب ، أنبأنا هارون بن موسى الفروي ، حدثني محمد بن فليح ، عن موسى بن عقبة قال : قال ابن شهاب : حدثني عروة بن الزبير أن مروان والمسور بن مخرمة أخبراه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أذن له المسلمون في عتق سبي هوازن قال : إني لا أدري من أذن منكم ممن لم يأذن ، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم " ، فرجع الناس ، [ ص: 398 ] فكلمهم عرفاؤهم ، فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبروه .

فاستدل بما في هذا الحديث غير واحد من أهل العلم على قبول الحكام من الوكلاء ما يقرون به على موكليهم فيما وكلوهم به عندهم ، لأن العرفاء فيما ذكرنا قد أقامهم الذين هم عرفاء عليهم في أمورهم أكثر من مقام الوكلاء فيما وكلوهم به عند الحكام الذين وكلوهم بما وكلوهم به عندهم ، وممن كان يذهب إلى ذلك منهم أبو حنيفة ومحمد بن الحسن ، وقالوا : ألا ترون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحتج بعد ما نقل إليه العرفاء عن القوم الذين هم عرفاء عليهم ما نقلوه إليه عنهم أن يرجع إلى الوقوف على ذلك منهم ، وأنه أطلق بذلك السبايا لقومهم الذين كلموهم فيهم ، وكان في ذلك تحريم فروجهن على من كانت حلت له قبل ذلك ممن وقع ملكه عليهن ؟ وهذه حجة صحيحة ، وإن كان لقائلها من أهل العلم مخالفون في ذلك المعنى ، ويقولون : لا يقبل إقرار الوكلاء على موكليهم بما يقرون به عليهم ، ولكنهم مخرجون مما وكلوا منه بذلك الإقرار ، وممن كان ذهب إلى ذلك زفر وأبو يوسف وأكثر أهل العلم سواهما وسوى أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية