الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 218 ] 747 - باب بيان مشكل ما في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المذكور فيه استحلاف المهاجرات على ما كان يستحلفهن عليه .

4762 - حدثنا أبو القاسم هشام بن محمد بن قرة بن أبي خليفة الرعيني ، قال : حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي ، قال :

حدثنا حسين بن نصر ، قال : حدثنا الفريابي ، قال : حدثنا قيس بن الربيع ، عن الأغر ، عن خليفة بن حصين ، عن أبي نصر ، عن ابن عباس في قوله عز وجل : إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن ، قال : كانت المرأة إذا أتت النبي صلى الله عليه وسلم لتسلم حلفها بالله عز وجل ما خرجت من بغض زوج ، وبالله عز وجل ما خرجت رغبة بأرض عن أرض ، وبالله عز وجل ما خرجت التماس دنيا ، وبالله عز وجل ما خرجت إلا حبا له عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم .

[ ص: 219 ] قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث ، استحلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يأتيه من النساء للهجرة إليه على ما ذكر فيه من استحلافه إياهن عليه ، وهذا مما يدخل في باب من الفقه قد اختلف أهله فيه ، وهو الرجل يمر بماله على عاشر المسلمين ، فيطلب منه زكاته ، فيقول : قد أديتها إلى المساكين الذين يستحقون مثلها ، أو قد أديتها إلى عاشر مررت به قبلك ، فكان بعضهم يقول يستحلفه على ذلك إن اتهمه على ما قاله له ، ويخلي بينه وبين ماله ، منهم أبو حنيفة وأصحابه والشافعي ، ومنهم من يصدقه على ذلك ولا يستحلفه عليه ، منهم مالك والثوري ، وكانا يذهبان في ذلك إلى أن هذه عبادة المتعبدون بها مؤتمنون عليها ولا يجب استحلافهم بالظنون بهم فيها غير الواجب كان عليهم فيها ، ويذهبون إلى أن الاستحلافات على الأشياء المدعاة [ ص: 220 ] إنما تجب للمدعيين بعد علمهم أنها قد كانت من المطلوبين بها ، وأن استعمال الظنون بهم غير الواجب كان عليهم فيها - غير واسع لمن ظن ذلك بهم ، وفي ذلك ما ينفي أن يكون على المدعى عليه في ذلك بالظنون لا بالحقائق يمين ، وكان هذا القول هو الذي يقوم في قلوبنا والذي نذهب إليه في هذا المعنى حتى وقفنا على ما في الحديث الذي رويناه في هذا الباب من استحلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرات إليه على ما كان يستحلفهن عليه مما ذكر في الحديث الذي رويناه في ذلك حياطة للإسلام ، فمثل ذلك الاستحلاف فيما اختلف فيه مما ذكرنا يكون ذلك لمن تولى الصدقات حياطة للإسلام ، واستيفاء لحقوق أهله ممن وجبت لهم عليهم ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية