[ ص: 47 ]  800 - باب بيان مشكل ما روي عن عمر   - رضي الله عنه - من نهيه أن يغالى في صدقات النساء ، ومن احتجاجه في ذلك بأصدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه ، ومن أصدقة أزواج بناته بناته 
 5042  - حدثنا أبو القاسم هشام بن محمد بن قرة بن أبي خليفة  ، قال : حدثنا  أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي  ، قال : حدثنا فهد بن سليمان  ، قال : حدثنا  أبو نعيم الفضل بن دكين  ، قال : حدثنا  العمري  ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر  ، عن  عمر  ، قال : ما ساق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أحد من أزواجه ولا بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية   . 
 [ ص: 48 ] 
 5043  - حدثنا فهد  ، قال : حدثنا  أبو نعيم  مرة أخرى ، قال : حدثنا  العمري  ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر  بمثل ذلك ، ولم يذكر عمر  فيه . 
 5044  - حدثنا  أبو زرعة الدمشقي  ، قال : حدثنا  أبو نعيم  ، قال : حدثنا  العمري  ، عن  نافع  ، عن  ابن عمر  ، قال : أظنه عن  عمر  ثم ذكر مثله . 
قال لنا أبو زرعة   : ليس الشك مني ، ولكنه في الحديث ، فاختلف فهد  وأبو زرعة  على أبي نعيم  في هذا الحديث كما ذكرنا . 
 5045  - حدثنا روح بن الفرج  ، قال : حدثنا  يوسف بن عدي  ، قال : حدثنا  القاسم بن مالك المزني  ، عن  أشعث  ، عن  الشعبي  ، عن  شريح  ، عن  عمر  أنه خطب ، فقال : لا تغلوا صدقات النساء ، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا والآخرة ، كان أحقكم بها وأولاكم محمد   - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته ، ما تزوج ثيبا من نسائه ، ولا زوج ثيبا من بناته بأكثر من ثنتي عشرة أوقية   . 
قال  أبو جعفر   : سمعت هذا الحديث من روح  وحفظته وكتبته ، ثم وجدت بعضه قد ذهب من كتابي بانقلاع أسحاة منه ، فكتبته من أصله بعد وفاته هكذا . 
 [ ص: 49 ] 
 5046  - حدثنا  يزيد بن سنان  ، قال : حدثنا  أزهر بن سعد السمان  ، عن  ابن عون  ، عن  محمد  عن أبي العجفاء  ، عن  عمر   - رضي الله عنه - قال : لا تغلوا في صداق النساء ، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا ، أو تقوى عند الله - عز وجل - كان أولاكم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ما زوج ثيبا من بناته ، ولا تزوج امرأة من نسائه بأفضل من ثنتي عشرة أوقية   . 
 5047  - وحدثنا  أحمد بن شعيب  ، قال : حدثنا  علي بن حجر  ، قال : حدثنا  إسماعيل بن إبراهيم  ، عن  أيوب   وابن عون  وسلمة بن علقمة   وهشام بن حسان   - دخل حديث بعضهم في حديث بعض - عن  محمد بن سيرين  ، قال سلمة   : عن  ابن سيرين  ، نبئت عن أبي العجفاء  ، وقال الآخرون : عن  محمد بن سيرين  ، عن أبي العجفاء  ، قال : قال  عمر   : ألا لا تغلوا صدقات النساء ، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا ، أو تقوى عند الله - عز وجل - كان أولاكم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - . ما أصدق امرأة من نسائه ، ولا أصدق امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية ، ألا وإن أحدكم ليغلي بصداق امرأته حتى يبقى لها عداوة في نفسه ، فيقول : لقد كلفت إليك علق القربة ، أو قال : عرق القربة   . 
 [ ص: 50 ] 
 5048  - وحدثنا  أبو أمية  ، قال : حدثنا  سريج بن النعمان  ، قال : حدثنا  هشيم   . 
 5049  - وحدثنا صالح بن عبد الرحمن  ، قال : حدثنا  سعيد بن منصور  ، قال : حدثنا  هشيم  ، ثم اجتمعا ، فقالا : قال : أخبرنا  منصور  [ ص: 51 ]  - يعني ابن زاذان -  عن  ابن سيرين  ، قال : حدثنا أبو العجفاء السلمي  ، قال : سمعت  عمر بن الخطاب  وهو يخطب الناس ، فحمد الله - عز وجل - وأثنى عليه ثم قال : ألا لا تغالوا في صداق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا ، أو تقوى عند الله - عز وجل - كان أولاكم بها النبي - صلى الله عليه وسلم   - ثم ذكر بقية حديث  أحمد بن شعيب   . 
 5050  - حدثنا  يزيد  ، قال : حدثنا عبد الله بن حمران  ، قال : حدثنا  ابن عون  ، عن  محمد  ، عن أبي العجفاء  ، أو عن ابن أبي العجفاء  ، قال : قال  عمر  ، ثم ذكر مثله . 
قال  أبو جعفر   : ففي هذه الآثار عن عمر   - رضي الله عنه - نهيه الناس أن يتجاوزوا في الأصدقة أصدقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي كان أصدقها نساءه ، والأصدقة التي كان أزواج بناته أصدقوها بناته ، وكان ذلك منه عندنا - والله أعلم - إرادة منه أن تكون الأصدقة المرجوع إليها فيمن يستحق من النساء صداق مثله من نسائه على من يستحقه عليه من الأزواج ، أن يكون وسطا ، وأن لا يكون شططا ، ومثل هذا ما قد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنكره في زمنه . 
 5051  - كما حدثنا  بكار بن قتيبة  ، قال : حدثنا  مؤمل بن  [ ص: 52 ] إسماعيل  ، قال : حدثنا  سفيان  ، عن  يحيى بن سعيد  ، عن  محمد بن إبراهيم التيمي  ، عن أبي حدرد  ، قال : أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسأله في صداق ، فقال : " كم أصدقت ؟ " قلت : مائتي درهم ، قال : لو كنتم تغرفون من بطحان  ، لما زاد   . 
قال  أبو جعفر   : هكذا حدثناه بكار   . 
 5052  - وقد حدثناه  يوسف بن يزيد  ، قال : حدثنا  سعيد بن منصور  ، قال : حدثنا  هشيم  ، قال : أخبرنا  يحيى بن سعيد  ، عن  محمد بن إبراهيم التيمي   : أن أبا حدرد  تزوج امرأة ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستعينه في صداقها  ، ثم ذكره . 
 [ ص: 53 ] وكانت الأصدقة التي كان - صلى الله عليه وسلم - يصدقها نساءه ما قد ذكرناه في هذا الباب ، وكانت أصدقة من لم ينكر عليه ما أصدقه منها . 
 5053  - ما قد حدثنا  علي بن معبد  ، قال : حدثنا إسماعيل بن عمر  ، قال : حدثنا داود بن قيس  ، عن  موسى بن يسار  ، عن  أبي هريرة  ، قال : كان صداقنا إذ كان فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر أواق ، وطبق بيديه ، وذلك أربعمائة   . 
 5054  - وما قد حدثنا صالح  ، قال : حدثنا  سعيد  ، قال : حدثنا  هشيم  ، قال : حدثنا  حميد  ، عن  أنس   : أن  عبد الرحمن بن عوف   - رضي الله عنه - تزوج امرأة من الأنصار على وزن نواة من ذهب ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم : أولم ولو بشاة   . 
 [ ص: 54 ] وقد روي عن  عائشة  فيما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصدقه نساءه . 
 5055  - ما قد حدثنا فهد  ، قال : حدثنا  النفيلي  ، قال : حدثنا  الدراوردي  ، قال : أخبرني  ابن الهاد  ، عن  محمد بن إبراهيم  ، عن  أبي سلمة  ، قال : سألت  عائشة  عن صداق النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه ، فقالت : اثنتي عشرة أوقية ونشا ، قلت لها: ما النش ؟ قالت : نصف أوقية   . 
 [ ص: 55 ] 
 5056  - وما قد حدثنا ابن أبي مريم  ، قال : حدثنا  جدي  ، قال : حدثني  يحيى بن أيوب  ، قال : حدثني  ابن الهاد  ، ثم ذكر بإسناده مثله ، وزاد فيه : هكذا كان صداق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه وبناته   . 
وقد روي عن غيرها في ذلك 
 5057  - ما قد حدثنا أحمد بن داود  ، قال : حدثنا  هدبة بن خالد  ، قال : حدثنا أبو هلال  ، قال : حدثنا  حميد بن هلال  ، قال : خطب  عمرو بن حريث  إلى  عدي بن حاتم  ابنته ، فقال : ما أنا بمزوجك إلا بحكمي ، فأقبل عليه بعض أصحابه ، فقال : والله ، لامرأة من قريش  ، أحب إلينا من امرأة من طيئ  على حكم أبيها ، فقال : إن ذاك لكذلك ، ثم أبت نفسه أن تدعه إلا أن يخطب إليه ، فقال : ما أنا بمزوجك إلا على حكمي ، قال : قد حكمتك ، قال : اذهب ، فقد أنكحتكها ، فانطلق عمرو  ، فبات ولم ينم ، مخافة أن يحكم عليه بما لا يطيق ، فلما أصبح أرسل إليه : بين لي ما حكمت علي حتى أبعث به إليك ، قال : أحكم عليك بأربعمائة وثمانين درهما سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسل إليه بها  ، وأرسل إليه بعشرة آلاف ، أو عشرين ألفا - شك هدبة - فقال : جهزها بهذا  . 
 [ ص: 56 ] وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يوافق حديث أبي حدرد   . 
 5058  - وحدثنا  أبو أمية  ، قال : حدثنا  أبو نعيم  ، عن  ابن عيينة  ، عن أبي إسماعيل  ، عن  أبي حازم  ، عن  أبي هريرة  ، قال : قال رجل : يا رسول الله تزوجت امرأة - أو خطبت امرأة ، أو ذكر امرأة - قال : انظر إليها ، فإن في عيون الأنصار  شيئا ، قال : "كم أصدقتها ؟ " قال : ثمان أواق . قال : " لو كان أحدكم ينحت من الجبل ، ما زاد   . 
 [ ص: 57 ] قال  أبو جعفر   : فكان عمر   - رضي الله عنه - على ما كان عليه مما قد ذكرناه عنه حتى احتج عليه من كتاب الله بما قامت به الحجة عليه في إباحة أعلى الأصدقة . 
 5059  - حدثنا  يوسف بن يزيد  ، قال : حدثنا  سعيد بن منصور  ، قال : حدثنا  هشيم  ، قال : أخبرنا  مجالد  ، عن  الشعبي  ، قال : خطب  عمر بن الخطاب   - رضي الله عنه - في الناس ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : لا تغالوا في صدق النساء ، فإنه لا يبلغني عن أحد ساق أكثر من شيء ساقه النبي - صلى الله عليه وسلم - أو سيق إليه ، إلا جعلت فضل ذلك في بيت المال . 
ثم نزل ، فعرضت له امرأة من قريش  ، فقالت : يا أمير المؤمنين ، كتاب الله أحق أن يتبع ، أو قولك ؟ قال : بل كتاب الله ، بم ذاك ؟ فقالت : إنك نهيت الناس آنفا أن يغالوا في صدق النساء ، والله - عز وجل - يقول في كتابه : وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا  ، فقال عمر :  كل أحد أفقه من عمر  ، مرتين أو ثلاثا ، ثم رجع إلى المنبر فقال للناس : إني كنت نهيتكم أن تغالوا في صدق النساء ، فليفعل رجل في ماله ما شاء   . 
 [ ص: 58 ] قال  أبو جعفر   : وكان هذا من عمر  بعد قيام الحجة عليه هو الواجب عليه ، وكان ما كان منه قبل ذلك من النظر للناس هو الواجب عليه لما أداه إليه اجتهاده فيه ، فلما قامت عليه الحجة من الله - عز وجل - في خلاف ذلك رجع إليه ، وأمر بما قد ذكرناه عنه - فرضوان الله عليه - وهذا مما يدل على صحة ما ذهبنا إليه في اجتهاد الرأي مما قد تقدم ذكرنا له في كتابنا هذا ، ثم قد كان منه - رضي الله عنه - في نفسه . 
ما قد حدثنا  إبراهيم بن مرزوق  ، قال : حدثنا  أبو عامر العقدي  ، عن عبد الله بن زيد بن أسلم  ، عن  أبيه  ، عن  جده   :  [ ص: 59 ] أن  عمر  أصدق أم كلثوم  ابنة علي أربعين ألفا   . 
وقد تقدمه في ذلك ما أصدق عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يتجاوز المقدار الذي كان وقف عليه عمر  مما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصدقه نساءه مما قد ذكرنا في هذا الباب . 
 5060  - كما قد حدثنا  محمد بن سليمان الباغندي  ، قال : حدثنا  موسى بن إسماعيل الجبلي   - وهذا رجل محمود الرواية - قال : حدثنا  ابن المبارك  ، عن  معمر  ، عن  الزهري  ، عن  عروة  ، عن  عائشة  ، قالت : ما أصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدا من نسائه ولا بناته فوق ثنتي عشرة أوقية ، إلا  أم حبيبة  ، فإن النجاشي  زوجه إياها ، وأصدقها أربعة آلاف ، ونقد عنه ولم يعطها النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا   . 
هكذا حدثنا الباغندي  هذا الحديث عن الجبلي  ، عن ابن المبارك  ،  [ ص: 60 ]  . 
وقد خالفه فيه نعيم بن حماد  5061  - كما حدثنا فهد   ويحيى بن عثمان  ، قالا : حدثنا  نعيم  ، قال : حدثنا  ابن المبارك  ، قال : أخبرنا  معمر  ، عن  الزهري  ، عن  عروة بن الزبير  ، عن  أم حبيبة   : أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش  ، وكان رحل إلى النجاشي  ، فمات ، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج  أم حبيبة  ، وإنها لبأرض الحبشة ، زوجها إياه النجاشي  ، وأمهرها أربعة آلاف من عنده ، وبعث بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع شرحبيل ابن حسنة  ، وجهازها كله من عند النجاشي  ، ولم يرسل إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء ، وكان مهور أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعمائة درهم   . 
 [ ص: 61 ] قال  أبو جعفر   : وفي ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الإنكار على النجاشي  ، ما قد دل على إباحة قليل الأصدقة وكثيرها ، والله - عز وجل - نسأله التوفيق . 
				
						
						
