الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 217 ] 826 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ضحك المطر ومنطقه

5220 - حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ ، قال : حدثنا عمر بن عبد الوهاب الرياحي ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، قال : إني لجالس مع عمي حميد بن عبد الرحمن في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذ عرض في ناحية المسجد شيخ جليل ، في بصره بعض الضعف من بني غفار ، فأرسل إليه حميد فدعاه ، فلما أقبل ، قال : ابن أخي ، إن هذا قد صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره ، أوسع له فيما بيني وبينك ، فأوسعت له ، فقال له حميد : الحديث الذي ذكرت أنك سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله في السحاب ؟ قال : نعم ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إن الله ينشئ السحاب ، فينطق أحسن المنطق ، ويضحك أحسن الضحك .

[ ص: 218 ] فتأملنا هذا الحديث ، فوجدنا ما فيه موجودا في كلام العرب ، فمنه ما ذكره الفراء ، قال : تقول العرب : يوم ضاحك مصح ، وسحاب ناطق هاطل ، تذهب بنطقه إلى رجوعه ومطره ، لأنواء يعرفونه [بها] .

قال الفراء : وسمعت أبا ثروان يقول : شتونا بأرض سهل عبورها ، كثير حبورها ، ناطق سحابها ، ضاحك جناتها .

فأخبر عن هذه الأشياء بأفعال الآدميين لثبوت المعرفة على ما قصد له بوصف السحاب بالنطق ، يريد غزارة مائه ، ووصف الجنات بالضحك ، لخروج زهره ، وكبير مرعاه . قال : وفي أمثالهم : نطق الشيب في رأسه ، وضحك الشيب كذلك أيضا : إذا ظهر ، وكذلك : مال الجدار ، واحترق الثوب ، كل هذا معقول في المعنى ، فخاطب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقومه من العربية ذروتها وسنامها - الذين خاطبهم بذلك - وهم عرب - بما يفهمونه عنه ، ويعقلونه من مراده ; لأن الله إنما أرسله إليهم بلسانهم ليبين لهم كما قال - عز وجل - : وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فخاطبهم بلسانهم لعلمه بفهمهم عنه ما خاطبهم به ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية