[ ص: 335 ]  848 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قوله لعثمان   - رضي الله عنه - : " إن الله - عز وجل - مقمصك قميصا ، فإن أرادوك على خلعه ، فلا تخلعه " 
 5310  - حدثنا  محمد بن سليمان بن الحارث الباغندي  ، وفهد بن سليمان بن يحيى  ، قالا : حدثنا المنهال بن بحر  ، قال : حدثنا  حماد بن سلمة  ، عن  هشام بن عروة  ، عن  أبيه  ، عن  عائشة   : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد يوما ألما ، فأرسل إلى عثمان   - رضي الله عنه - فسمعته يقول له : يا عثمان   : إن الله - عز وجل - سيقمصك قميصا ، فإن أرادوك على خلعه ، فلا تخلعه . فقيل لها : فأين كنت ؟ لم تذكري هذا ! قالت : نسيته   . 
 [ ص: 336 ] 
 5311  - وحدثنا سليمان بن شعيب الكيساني  ، قال : حدثنا  أسد بن موسى  ، قال : حدثنا  معاوية بن صالح   . وحدثنا فهد  وهارون بن كامل  ، قالا : حدثنا  عبد الله بن صالح  ، قال : حدثني  معاوية بن صالح  ، عن  عبد الله بن عامر  ، عن  نعمان بن بشير الأنصاري  ، قال : قالت لي  عائشة   : سمعت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : يا  عثمان بن عفان  ، لعل الله - عز وجل - يقمصك قميصا ، فإن أرادوك على خلعه ، فلا تخلعه ، يا  عثمان بن عفان  ، إنه لعل الله - عز وجل - يقمصك قميصا ، فإن أرادوك على خلعه ، فلا تخلعه  ، قال : فقلت : يا أم المؤمنين ، فأين كنت من هذا الحديث ، فقالت : نسيته والله يا ابن أختي ، ما ظننت أني سمعته . 
 [ ص: 337 ]  . 
فتأملنا هذا الحديث ، فوجدنا بيعة عثمان   - رضي الله عنه - قد كانت بيعة هدى ورشد واستقامة ، واتفاق من المهاجرين  والأنصار  وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواهم عليها ، لم يتنازعوا في ذلك ، ولم يختلفوا فيه ، وجرى الأمر له - رضوان الله عليه - على ذلك ما شاء الله أن يجري له من مدة خلافته ، ثم وقع بين الناس في أمره ما وقع من الاختلاف ، وادعى بعضهم عليه التبديل والتغيير لما كان عليه قبل ذلك ، وحاش لله - عز وجل - أن يكون كان ذلك كذلك حتى كان سببا لتحزبهم عليه في أمره ، واختلافهم عليه فيه ، وحتى هم بعضهم بإزالته عن ذلك لدعواه عليه الخروج عنه بالأحداث التي ادعوا عليه أنه أحدثها مما لا يصلح معها بقاؤه عليها ، وكان ما تقدم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمره مما خاطبه به في عهده إليه في ذلك الأمر ، مما أطلعه الله - عز وجل - عليه منه ما قد رويناه في هذا الحديث دليلا على أن أحواله رضوان الله عليه حينئذ هي الأحوال التي استحق بها ما استحق من الخلافة في بدء أمره ، وفي اجتماع الناس على ذلك له لم يتغير عن ذلك ، ولم يحل عنه إلى ما سواه ; لأنه لو كان قد تغير عن ذلك ، وحال عنه إلى  [ ص: 338 ] ما سواه مما ادعي عليه لخرج بذلك مما كان قد وجبت له ولايته بما كان عليه من الأسباب الموجبة له لما أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتمسك بالخلافة التي كان عليها ، ولأمره برده إياها إلى من سواه ممن يستحقها ; لأن الله تبارك وتعالى قد كان أعلمه ما كان ينزل به ، وما كان يطلب من أجله ترك الخلافة التي قد كانت إليه قبل ذلك مما كان استحقاقه إياها بالأسباب التي كانت فيه ، وفي أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياه بلزومها ، وبالتمسك بها ، ما قد دل أن أحواله في وقته ذلك أحوال استحقاق لها ، لا تبديل معه فيها ، ولا تغير عما كان عليه قبل ذلك مما استحقها به ، وبالله التوفيق . 
				
						
						
