الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 105 ] 166 - باب المستخرج من حديث عبد الله بن عباس الذي يرفعه بعض رواته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويوقفه بعضهم على ابن عباس في المراد بقول الله عز وجل : وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم

حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال : حدثنا شعبة قال : حدثنا عمرو بن مرة قال : سألت سعيد بن جبير عن هذه الآية والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان قال : قال ابن عباس : المؤمن ترفع له ذريته ليقر الله عز وجل عينه وإن كانوا دونه في العمل .

[ ص: 106 ] قال أبو جعفر : هكذا يحدث شعبة بهذا الحديث عن عمرو بن مرة ، لا يتجاوز به ابن عباس . وأما الثوري فكان يحدث به عن شيخ له يقال له : سماعة ، عن عمرو بن مرة . فيروي محمد بن بشر العبدي عنه أنه رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ويروي محمد بن يوسف الفريابي عنه أنه أوقفه على ابن عباس .

1075 - كما حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال : حدثنا أحمد بن شكيب الكوفي قال : حدثنا محمد بن بشر ، عن سفيان ، عن سماعة ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الله عز وجل ليرفع ذرية المؤمن معه في درجته ، وإن كان لم يبلغها في العمل ليقر بهم عينه . ثم قرأ والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم .... الآية .

[ ص: 107 ] وكما حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم قال : حدثنا الفريابي قال : حدثنا سفيان قال : حدثني سماعة قال : حدثني عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ولم يرفعه قال : إن الله عز وجل ليرفع ذرية المؤمن في درجاته ليقر بهم عينه ، وإن كانوا دونه في العمل .

قال أبو جعفر : وقد روى هذا الحديث أيضا عن عمرو بن مرة قيس بن الربيع الأسدي ، فلم يتجاوز به ابن عباس .

كما حدثنا ابن أبي مريم قال : حدثنا الفريابي قال : حدثنا قيس بن الربيع ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ثم ذكر مثل حديثه ، عن الفريابي ، عن سفيان ، عن سماعة وزاد ثم قرأ والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان " الآية .

قال أبو جعفر : وهذا الحديث فنحن نحيط علما لو لم نجد أحدا من رواته رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ابن عباس لم يأخذه إلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ كان الذي فيه إخبار عن الله عز وجل بمراده في الآية المذكورة فيه ، وذلك مما لا يؤخذ من غير النبي - صلى الله عليه وسلم - .

ثم تأملنا نحن ما في هذا الحديث ، فوجدنا فيه رفع الله عز وجل [ ص: 108 ] ذرية المؤمن الذين اتبعوه بإيمان بالمؤمن الذين هم ذريته ليقر بهم عينه وإلحاقه إياهم به .

ووجدنا غير النبي - صلى الله عليه وسلم - من المؤمنين قد دخل في ذلك ، فعقلنا بذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أدخل في ذلك منهم ، وأنه في إلحاق الله عز وجل به ذريته المتبعة له بالإيمان به ليقر عينه بذلك أولى من سائر المؤمنين سواه ، وإنما كان ذلك لسائر المؤمنين سواه ؛ ليقر به أعينهم ، كان له في ذريته المتبعة له بالإيمان أولى ، وكانوا بذلك منه أحرى ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية