الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 380 ] 210 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلم عند الانتهاء إلى القوم وعند القيام عنهم ، وهل سلام من انتهى إليهم يكون وهو قائم أو يكون بعد أن يجلس

1350 - حدثنا الربيع بن سليمان المرادي قال : حدثنا أسد بن موسى قال : حدثنا سعيد بن سالم ، عن ابن جريج ، عن محمد بن عجلان أن سعيد بن أبي سعيد أخبره عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم ، فإن بدا له أن يجلس فليجلس ، وإذا قام فليسلم فإن الأولى ليست بأحق من الآخرة .

1351 - حدثنا بكار بن قتيبة وإبراهيم بن مرزوق قالا : حدثنا أبو عاصم قال : أخبرنا ابن عجلان ، عن المقبري ، عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرا مثله .

[ ص: 381 ]

1352 - حدثنا ابن أبي داود قال : حدثنا سعيد بن أبي مريم قال : أخبرنا أبو غسان قال : حدثني ابن عجلان ، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر مثله .

1353 - وحدثنا أحمد بن شعيب قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن ابن عجلان ، عن سعيد ، عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فذكر مثله .

1354 - حدثنا أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الرحيم يعني : المعروف بصاعقة قال : حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد ، عن يزيد بن زريع ، عن روح بن القاسم ، عن ابن عجلان ، عن المقبري ، عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر مثله .

[ ص: 382 ] قال أبو جعفر : فكان أهل الأسانيد فيما سمعت بعض أصحابنا يقول : يستحسنون هذا الحديث من أبي عاصم ، عن يزيد بن زريع ، عن روح بن القاسم ، عن ابن عجلان ما لا يستحسنونه هو عنه ، عن ابن عجلان . وفيما روينا أن سلام الجائي يكون على القوم عند انتهائه إليهم قبل جلوسه معهم .

1355 - أخبرنا أحمد بن شعيب قال : حدثنا الجارود بن معاذ قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : سمعت محمد بن عجلان يقول : حدثني سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إذا قعد أحدكم فليسلم ، وإذا قام فليسلم ؛ فليست الأولى بأحق من الآخرة .

قال أبو جعفر : ففي هذا الحديث أن سلامه عليهم يكون بعد جلوسه معهم .

فقال قائل ممن يتبع مثل هذا يطلب به التمويه على أهل الجهل باللغة : هذا اختلاف شديد ؛ فكيف يجوز لكم أن تقبلوا هذا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذلك ؟

فكان جوابنا له بتوفيق الله وعونه أن ذلك ليس على الاختلاف ، ولكنه على سعة اللغة ، وأخلق بما ظننت أنه اختلاف أن يكون من قول من بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس ذلك بمنكر ؛ لأنهم عرب ، ولغتهم يتسع لهم هذا فيها .

وقد جاء كتاب الله عز وجل بمثل هذا ، قال الله عز [ ص: 383 ] وجل : وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف .

فكان ذلك مذكورا ببلوغ الأجل ولا إمساك للمطلقين بعد بلوغ المطلقات آجالهن ؛ لأنه انقضاء عددهن منهم ، وكان قول الله عز وجل في هذه الآية : فبلغن أجلهن - إنما هو على قرب بلوغ الأجل لا على حقيقة بلوغه . وقد بين الله عز وجل ذلك في الآية الأخرى وهو قوله عز وجل : وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن .

فمثل ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : إذا انتهى أحدكم إلى القوم فليسلم - يريد به حقيقة موضع السلام ، وقوله : إذا قعد أحدكم فليسلم - يريد به قرب قعوده معهم من انتهائه إليهم لا حقيقة القعود معهم ، والله نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية