الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          49 - (خ د تم) : أحمد بن صالح المصري ، أبو جعفر الحافظ . [ ص: 341 ] المعروف بابن الطبري .

                                                                          كان أبوه من أهل طبرستان من الجند . وكان أبو جعفر أحد الحفاظ المبرزين والأئمة المذكورين .

                                                                          روى عن : إبراهيم بن الحجاج من أصحاب عبد الرزاق ، وأسد بن موسى المصري (د) ، وإسماعيل بن أبي أويس المدني (د) ، وحرمي بن عمارة بن أبي حفصة البصري ، وخالد بن نزار الأيلي ، وسفيان بن عيينة (د) ، وسلامة بن روح الأيلي ، وعبد الله بن إبراهيم بن عمر بن كيسان الصنعاني ، وعبد الله بن نافع الصائغ (د) ، وعبد الله بن وهب (خ د تم) ، وعبد الرزاق بن همام (د) ، وعبد الملك بن عبد الرحمن الذماري (د) ، وعفان بن مسلم الصفار البصري ، وعنبسة بن خالد الأيلي (خ د) ، وأبي نعيم الفضل بن دكين الكوفي ، وقدامة بن محمد الخشرمي ، ومحمد بن إسماعيل بن أبي فديك (د) ، ويحيى بن حسان التنيسي (د) ، ويحيى بن محمد الجاري (د) .

                                                                          روى عنه : البخاري ، وأبو داود ، وإبراهيم بن عمرو بن ثور الزوفي ، وأحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد ، وأحمد بن محمد بن نافع الطحان المصري ، وإسماعيل بن الحسن الخفاف المصري ، وإسماعيل بن عبد الله الأصبهاني سمويه ، وإسماعيل بن محمد بن قيراط الدمشقي ، وصالح بن محمد البغدادي الحافظ . [ ص: 342 ] المعروف بجزرة ، والعباس بن محمد بن العباس البصري ، وعبد الله بن أبي داود السجستاني وهو آخر من حدث عنه ، وعبد الله بن عبدويه النسفي ، وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي ، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي ، وعبيد بن رجال المصري ، وعثمان بن سعيد الدارمي ، وعلي بن الحسين بن الجنيد الرازي ، وعمر بن عبد العزيز بن عمران بن أيوب بن مقلاص الخزاعي المصري ، وعمر بن أبي عمر العبدي البلخي ، وعمرو بن محمد بن بكير الناقد وهو من أقرانه ، وأبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي ، ومحمد بن عبد الله بن نمير الهمداني وهو من أقرانه ، وأبو موسى محمد بن المثنى وهو من أقرانه ، ومحمد بن مسلم بن وارة الرازي ، ومحمد بن هارون بن حسان البرقي ، وأبو الأحوص محمد بن الهيثم بن حماد قاضي عكبرا ، ومحمد بن يحيى الذهلي ، ومحمود بن إبراهيم بن سميع الدمشقي ، ومحمود بن غيلان المروزي وهو من أقرانه ، وموسى بن سهل الرملي (د) ، ويعقوب بن سفيان الفارسي ، ويوسف بن موسى المروذي . وسمع منه النسائي ولم يحدث عنه .

                                                                          قال علي بن عبد الرحمن بن المغيرة عن محمد بن عبد الله بن نمير : سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول : ما قدم علينا أحد أعلم بحديث أهل الحجاز من هذا الفتى - يريد : أحمد بن صالح .

                                                                          وقال أبو أحمد بن عدي : سمعت أحمد بن عاصم الأقرع بمصر . [ ص: 343 ] يقول : سمعت أبا زرعة الدمشقي يقول : قدمت العراق فسألني أحمد بن حنبل : من خلفت بمصر ؟ قلت : أحمد بن صالح . فسر بذكره ، وذكر خيرا ، ودعا الله له .

                                                                          وقال أبو بكر محمد بن حمدون بن خالد النيسابوري : سمعت أبا الحسن علي بن محمود الهروي يقول : قلت لأحمد بن حنبل : من أعرف الناس بأحاديث ابن شهاب ؟ قال : أحمد بن صالح المصري ، ومحمد بن يحيى النيسابوري .

                                                                          وقال أبو عبد الرحمن عبد الله بن إسحاق النهاوندي الحافظ : سمعت يعقوب بن سفيان يقول : كتبت عن ألف شيخ وكسر ، كلهم ثقات ما أحد منهم أتخذه عند الله حجة إلا رجلين : أحمد بن صالح بمصر ، وأحمد بن حنبل بالعراق .

                                                                          وقال البخاري : أحمد بن صالح ثقة صدوق ما رأيت أحدا يتكلم فيه بحجة ، كان أحمد بن حنبل وعلي وابن نمير وغيرهم يثبتون أحمد بن صالح ، كان يحيى يقول : سلوا أحمد فإنه أثبت .

                                                                          وقال الحاكم أبو عبد الله : أخبرني أبو صالح خلف بن محمد بن إسماعيل ، قال : سمعت صالح بن محمد بن حبيب يقول : قال أحمد بن صالح المصري : كان عند ابن وهب مائة ألف حديث كتبت عنه خمسين ألف حديث ، قال : ولم يكن بمصر أحد يحسن الحديث ولا يحفظ غير أحمد بن صالح ، كان يعقل الحديث ويحسن أن يأخذ ، وكان رجلا جامعا يعرف الفقه والحديث والنحو ويتكلم في حديث الثوري وشعبة وأهل العراق ، وكان قدم العراق وكتب عن عفان وهؤلاء ، وكان يذاكر بحديث الزهري ويحفظه .

                                                                          [ ص: 344 ] قال : وقال أحمد : كتبت عن ابن زبالة مائة ألف حديث ثم تبين لي أنه كان يضع الحديث ، فتركت حديثه ، قال : وكان أحمد بن صالح يثني على أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح ويقع في حرملة ، ويونس بن عبد الأعلى .

                                                                          وقال أبو أحمد بن عدي : سمعت محمد بن موسى الحضرمي يعرف بأخي أبي عجيبة بمصر يقول : سمعت بعض مشايخنا يقول : قال أحمد بن صالح : صنف ابن وهب مائة ألف وعشرين ألف حديث ، فعند بعض الناس منها الكل - يعني : حرملة - وعند بعض الناس منها النصف - يعني نفسه .

                                                                          وقال علي بن الحسين بن الجنيد الرازي : سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول : حدثنا أحمد بن صالح ، وإذا جاوزت الفرات ، فليس أحد مثله .

                                                                          وقال أبو العباس بن عقدة : حدثني عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة ، قال : سمعت ابن نمير وذكر أحمد بن صالح ، فقال : هو واحد الناس في علم الحجاز والمغرب ، فهم ، وجعل يعظمه ، وحدثنا عنه بغير شيء .

                                                                          وقال أبو الفضل يعقوب بن إسحاق بن محمود الفقيه الهروي : سمعت أحمد بن سلمة النيسابوري يحكي عن محمد بن مسلم بن وارة ، قال : أحمد بن صالح بمصر وأحمد بن حنبل ببغداد وابن نمير بالكوفة والنفيلي بحران هؤلاء أركان الدين .

                                                                          وقال أحمد بن عبد الله بن صالح العجلي : أحمد بن صالح مصري ثقة صاحب سنة .

                                                                          [ ص: 345 ] وقال أبو حاتم : ثقة ، كتبت عنه بمصر وبدمشق وبأنطاكية .

                                                                          وقال أبو زرعة الدمشقي : ذاكرت أحمد بن صالح مقدمه دمشق سنة سبع عشرة ومائتين ... فذكر حديثا .

                                                                          وقال أبو عبيد محمد بن علي الآجري : سمعت أبا داود يقول : كتب أحمد بن صالح عن سلامة بن روح ، وكان لا يحدث عنه ، وكتب عن ابن زبالة خمسين ألف حديث وكان لا يحدث عنه . وحدث أحمد بن صالح ولم يبلغ الأربعين ، وكتب عباس العنبري عن رجل عنه ، وقال : كان أحمد بن صالح يقوم كل لحن في الحديث .

                                                                          وقال أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن سهل بن مخلد الغزال : أحمد بن صالح ، طبري الأصل ، كان من حفاظ الحديث ، واعيا رأسا في علم الحديث وعلله ، وكان يصلي بالشافعي ، ولم يكن في أصحاب ابن وهب أحد أعلم منه بالآثار .

                                                                          وقال أبو سعيد بن يونس : أحمد بن صالح ، كان صالح جنديا من أهل طبرستان من العجم . ولد أحمد بمصر ، وكان حافظا للحديث .

                                                                          ذكر أبو عبد الرحمن النسائي يوما أحمد بن صالح ، فرماه وأساء الثناء عليه ، وقال : حدثنا معاوية بن صالح ، قال : سمعت يحيى بن معين يقول : أحمد بن صالح كذاب يتفلسف . قال أبو سعيد : ولم يكن عندنا بحمد الله كما قال النسائي ، ولم يكن له آفة غير الكبر .

                                                                          وقال أبو أحمد بن عدي : سمعت عبدان الأهوازي يقول : سمعت أبا داود السجستاني يقول : أحمد بن صالح ليس هو كما يتوهمون - يعني ليس بذاك في الجلالة - .

                                                                          قال أبو أحمد : وسمعت القاسم بن عبد الله بن مهدي يقول : [ ص: 346 ] كان أحمد بن صالح يستعير مني كل جمعة الحمار ، فيركبه إلى صلاة الجمعة ، وكنت جالسا عند حرملة في الجامع ، فجاز أحمد بن صالح على باب الجامع فنظر إلينا ، وإلى حرملة ، ولم يسلم فقال حرملة انظروا إلى هذا بالأمس يحمل دواتي - يعني المحبرة - واليوم يمر بي فلا يسلم .

                                                                          وقال أيضا : سمعت محمد بن سعد السعدي يقول : سمعت أبا عبد الرحمن النسائي يقول : سمعت معاوية بن صالح قال : سألت يحيى بن معين عن أحمد بن صالح فقال : رأيته كذابا يخطر في جامع مصر .

                                                                          وقال عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي ، عن أبيه أبو جعفر : أحمد بن صالح مصري ليس بثقة ، ولا مأمون ، تركه محمد بن يحيى ، ورماه يحيى بن معين بالكذب ، حدثنا معاوية بن صالح عن يحيى بن معين قال : أحمد بن صالح كذاب يتفلسف .

                                                                          قال ابن عدي : وكان النسائي سيئ الرأي فيه ، وينكر عليه أحاديث منها عن ابن وهب عن مالك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " الدين النصيحة " ، قال ابن عدي : وأحمد بن صالح من حفاظ الحديث ، وخاصة لحديث الحجاز ، ومن المشهورين بمعرفته ، وحدث عنه البخاري مع شدة استقصائه ، ومحمد بن يحيى ، واعتمادهما عليه في كثير من حديث الحجاز ، وعلى معرفته ، وحدث عنه من حدث من الثقات ، واعتمدوه حفظا ، وإتقانا .

                                                                          [ ص: 347 ] وكلام ابن معين فيه تحامل ، وأما سوء ثناء النسائي عليه ، فسمعت محمد بن هارون بن حسان البرقي يقول : هذا الخراساني يتكلم في أحمد بن صالح ، وحضرت مجلس أحمد بن صالح ، وطرده من مجلسه ، فحمله ذلك على أن يتكلم فيه .

                                                                          قال : وهذا أحمد بن حنبل قد أثنى عليه ، فالقول ما قاله أحمد لا ما قاله غيره ، وحديث : " الدين النصيحة " الذي أنكره النسائي عليه قد [ ص: 348 ] رواه عن ابن وهب يونس بن عبد الأعلى ، وقد رواه عن مالك محمد بن خالد بن عثمة وغيره ، وأحمد بن صالح من أجلة الناس ، وذلك أني رأيت جمع أبي موسى الزمن في عامة ما جمع من حديث الزهري يقول : كتب إلي أحمد بن صالح ، حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري .

                                                                          قال ابن عدي : ولولا أني شرطت في كتابي هذا أن أذكر فيه كل من تكلم فيه متكلم ، لكنت أجل أحمد بن صالح أن أذكره .

                                                                          وقال أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الداني المقرئ ، عن مسلمة بن القاسم الأندلسي : الناس مجمعون على ثقة أحمد بن صالح لعلمه وخيره وفضله ، وأن أحمد بن حنبل وغيره كتبوا عنه ووثقوه . وكان سبب تضعيف النسائي له أن أحمد بن صالح رحمه الله كان لا يحدث أحدا حتى يشهد عنده رجلان من المسلمين أنه من أهل الخير والعدالة ، وكان يحدثه ويبذل له علمه ، وكان يذهب في ذلك مذهب زائدة بن قدامة ، فأتى النسائي ليسمع منه ، فدخل بلا إذن ، ولم يأته برجلين يشهدان له بالعدالة ، فلما رآه في مجلسه أنكره ، وأمر بإخراجه ، فضعفه النسائي لهذا .

                                                                          وقال أبو بكر الخطيب : احتج سائر الأئمة بحديث أحمد بن صالح سوى أبي عبد الرحمن النسائي ، فإنه ترك الرواية عنه ، وكان يطلق لسانه فيه ، وليس الأمر على ما ذكر النسائي . ويقال : كان آفة أحمد بن صالح الكبر ، وشراسة الخلق ، ونال النسائي منه جفاء في مجلسه ، فذلك السبب الذي أفسد الحال بينهما .

                                                                          وقال عبد الله بن محمد بن سيار : سمعت بندارا يقول : كتب إلي أحمد بن صالح بخمسين ألف حديث - أي إجازة - وسألته أن يجيز [ ص: 349 ] لي ، أو يكتب إلي بحديث مخرمة بن بكير ، فلم يكن عنده من المروءة ما يكتب بذاك إلي .

                                                                          قال الخطيب : نرى أن هذا الذي قاله بندار في أحمد بن صالح في تركه مكاتبته مع مسألته إياه ذلك إنما حمله عليه سوء الخلق .

                                                                          ولقد بلغني أنه كان لا يحدث إلا ذا لحية ، ولا يترك أمرد يحضر مجلسه ، فلما حمل أبو داود السجستاني ابنه إليه ليسمع منه - وكان إذ ذاك أمرد - أنكر أحمد بن صالح على أبي داود إحضاره ابنه المجلس ، فقال له أبو داود : هو وإن كان أمرد أحفظ من أصحاب اللحى فامتحنه بما أردت ، فسأله عن أشياء أجابه ابن أبي داود عن جميعها ، فحدثه حينئذ ولم يحدث أمرد غيره .

                                                                          قال : وكان أحد حفاظ الأثر ، عالما بعلل الحديث ، بصيرا باختلافه ، ورد بغداد قديما ، وجالس بها الحفاظ ، وجرى بينه وبين أبي عبد الله أحمد بن حنبل مذاكرات ، وكان أبو عبد الله يذكره ويثني عليه ، وقيل : إن كل واحد منهما كتب عن صاحبه في المذاكرة حديثا ، ثم رجع أحمد إلى مصر ، فأقام بها ، وانتشر عند أهلها علمه ، وحدث عنه الأئمة منهم : محمد بن يحيى الذهلي ، ومحمد بن إسماعيل البخاري ، وذكر آخرين ، ثم قال : ومن الشيوخ المتقدمين محمد بن عبد الله بن نمير ومحمود بن غيلان وغيرهما .

                                                                          أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي ، [ ص: 350 ] أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد ، أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن أحمد ابن البناء ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد ابن المسلمة ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص ، حدثنا أبو بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ، حدثنا أحمد بن صالح المصري ، حدثنا عنبسة بن خالد ، حدثنا يونس بن يزيد ، قال : سألت أبا الزناد عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه وما يذكر في ذلك ، فقال : كان عروة بن الزبير يحدث عن سهل بن أبي حثمة عن زيد بن ثابت ، قال : كان الناس يتبايعون الثمار فإذا جد الناس ، وحضر تقاضيهم - قال أبو جعفر : أظنه يقاضيهم - قال المبتاع : إنه أصاب الثمار الدمان وأصابه قشام ، وأصابه مراض ، عاهات يحتجون بها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإما لا [فلا] يتبايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها ، كالمشورة يشير بها لكثرة خصومتهم " .

                                                                          قال أبو بكر : إني شاك لا أدري سمعت هذه الكلمة من قول أحمد وهو في كتابي مجاز عليه ، قال أبو جعفر : والصواب : الدمان .

                                                                          [ ص: 351 ] رواه أبو داود عن أحمد بن صالح نحوه فوقع لنا موافقة له عالية .

                                                                          قال أبو زرعة الدمشقي : قال أحمد بن صالح : حدثت أحمد بن حنبل بحديث زيد بن ثابت في بيع الثمار فأعجبه واستزادني مثله ، فقلت : ومن أين مثله ؟ .

                                                                          أخبرنا أبو العز الشيباني ، أخبرنا أبو اليمن الكندي ، أخبرنا أبو منصور القزاز ، أخبرنا أبو بكر الخطيب ، أخبرني أحمد بن سليمان بن علي المقرئ ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الخليل ، أخبرنا أبو أحمد بن عدي ، قال : سمعت عبد الله بن محمد بن عبد العزيز يقول : سمعت أبا بكر بن زنجويه يقول : قدمت مصر ، فأتيت أحمد بن صالح ، فسألني : من أين أنت ؟ قلت : من بغداد . قال : أين منزلك من منزل أحمد بن حنبل ؟ قلت : أنا من أصحابه . قال : تكتب لي موضع منزلك ، فإني أريد أوافي العراق حتى تجمع بيني وبين أحمد بن حنبل . فكتبت له ، فوافى أحمد بن صالح سنة اثنتي عشرة إلى عفان فسأل عني ، فلقيني ، فقال : الموعد الذي بيني وبينك ، فذهبت به إلى [ ص: 352 ] أحمد بن حنبل واستأذنت له ، فقلت : أحمد بن صالح بالباب ، فأذن له ، فقام إليه ، ورحب به ، وقربه ، وقال له : بلغني أنك جمعت حديث الزهري ، فتعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلا يتذاكران ، ولا يغرب أحدهما على الآخر حتى فرغا .

                                                                          قال : وما رأيت أحسن من مذاكرتهما . ثم قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح : تعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أولاد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلا يتذاكران ، ولا يغرب أحدهما على الآخر إلى أن قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح : عند الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما يسرني أن لي حمر النعم وأن لي حلف المطيبين " ، فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل : أنت الأستاذ وتذكر مثل هذا ؟ ! فجعل أحمد بن حنبل يتبسم ويقول : رواه عن الزهري رجل مقبول أو صالح : عبد [ ص: 353 ] الرحمن بن إسحاق .

                                                                          فقال : من رواه عن عبد الرحمن ؟ فقال : حدثناه رجلان ثقتان : إسماعيل ابن علية وبشر بن المفضل . فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل : سألتك بالله إلا أمليته علي . فقال أحمد : من الكتاب . فقام فدخل ، وأخرج الكتاب وأملى عليه .

                                                                          فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل : لو لم أستفد بالعراق إلا هذا الحديث كان كثيرا ! ثم ودعه وخرج .

                                                                          أخبرنا به عاليا المشايخ الأربعة : الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة ، وأبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسيان ، وأبو الغنائم المسلم بن محمد بن المسلم بن علان القيسي ، وأبو العباس أحمد بن شيبان بن تغلب الشيباني ، قالوا : أخبرنا أبو علي حنبل بن عبد الله بن الفرج الرصافي ، أخبرنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني ، أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد ابن المذهب التميمي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا إسماعيل ، حدثنا ابن إسحاق - يعني عبد الرحمن - عن الزهري ، عن محمد بن جبير ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " شهدت غلاما مع عمومتي حلف المطيبين ، فما أحب أن لي حمر النعم ، وأني أنكثه " .

                                                                          وبه حدثني أبي ، حدثنا بشر بن المفضل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " شهدت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غلام ، فما أحب أن لي حمر النعم وأني [ ص: 354 ] أنكثه " .

                                                                          قال الزهري : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لم يصب الإسلام حلفا إلا زاده شدة ولا حلف في الإسلام " .

                                                                          وقد ألف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار .

                                                                          قال أبو سعيد بن يونس : ولد بمصر سنة سبعين ومائة .

                                                                          وقال هو والبخاري وأحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين ، وأبو سليمان بن زبر ، وغير واحد : توفي في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين .

                                                                          وروى له الترمذي في (الشمائل) .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية