الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 15 ] باب ما جاء في استسقاء عبد المطلب بن هاشم وما ظهر فيه من آيات رسول الله صلى الله عليه وسلم

                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن عبد الله المزني، قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن حميد بن الخلال، قال: حدثنا يعقوب بن محمد بن عيسى بن عبد الملك بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، قال: حدثنا عبد العزيز بن عمران، عن ابن حويصة قال: حدثني مخرمة بن نوفل، عن أمه رقيقة بنت صيفي، وكانت لدة عبد المطلب، قالت: تتابعت على قريش سنون جدبة أقحلت الجلد، وأرقت العظم، قالت: فبينا أنا ومعي صنوي أصغر مني معنا بهمات لنا وربى وأعبد يردون علي السجف، فبينا أنا راقدة اللهم أو مهومة إذا أنا بهاتف صيت يصرخ بصوت صحل يقول: يا معشر قريش، إن هذا [ ص: 16 ] النبي مبعوث [ ص: 17 ] منكم، وهذا إبان مخرجه، فحيهلا بالخير والخصب، ألا فانظروا منكم رجلا طوالا عظاما، أبيض بضا أشم العرنين، له فخر يكظم عليه، وسنة تهدي إليه، ألا فليخلص هو وولده، وليدلف إليه من كل بطن رجل، ألا فليسقوا من الماء، وليمسوا من الطيب، وليستلموا الركن، وليطوفوا بالبيت سبعا، ثم ليرتقوا أبا قبيس فليستسق الرجل وليؤمن القوم، ألا وفيهم الطاهر والطيب لذاته، وإلا فغثتم إذا ما شئتم وعشتم.

                                        قالت: فأصبحت - علم الله - مفؤودة مذعورة، قد قف جلدي ووله عقلي، فاقتصصت رؤياي، فنمت في شعاب مكة، فوالحرمة والحرم إن بقي بها أبطحي إلا قال: هذا شيبة الحمد، هذا شيبة، وتتمت عنده قريش، وانقض إليه من كل بطن رجل فشنوا وطيبوا واستلموا وطافوا، ثم ارتقوا أبا قبيس وطفق القوم يدفون حوله ما إن يدرك سعيهم مهله حتى قر لذروته، فاستكنوا جنابيه، ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ غلام قد أيفع أو كرب، فقام عبد المطلب، فقال: اللهم ساد الخلة، وكاشف الكربة، أنت عالم غير معلم، ومسئول غير منجل، وهذه عبداؤك وإماؤك عذرات حرمك، يشكون [ ص: 18 ] إليك سنتهم التي قد أقحلت الظلف والخف فاسمعن اللهم وأمطرن غيثا مريعا مغدقا.

                                        فما راموا البيت حتى انفجرت السماء بمائها وكظ الوادي بثجيجه، فلسمعت شيخان قريش وهي تقول لعبد المطلب: هنيئا لك أبا البطحاء هنيئا أي بك عاش أهل البطحاء - وفي ذلك تقول رقيقة:

                                        [ ص: 19 ]

                                        بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا وقد فقدنا الحيا واجلوذ المطر     فجاد بالماء جوني له سبل
                                        دان فعاشت به الأمصار والشجر     سيل من الله بالميمون طائره
                                        وخير من بشرت يوما به مضر     مبارك الأمر يستسقى الغمام به
                                        ما في الأنام له عدل ولا خطر



                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية