الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 225 ] باب ذكر إسلام الجن وما ظهر في ذلك من آيات المصطفى صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم وما بعدهما من الآيات.

                                        وفي موضع آخر: إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا

                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب قال: حدثني يحيى بن محمد بن يحيى، وأخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، قالا: حدثنا أحمد بن عبيد الصفار، قال: حدثنا إسماعيل القاضي، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر [ ص: 226 ] ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: " ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن، وما رآهم، انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا: ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب.

                                        قالوا: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها وانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء.

                                        فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها يبتغون ما هذا الذي حال بينهم وبين خبر السماء، فانصرف أولئك النفر الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بنخلة عامدا إلى سوق عكاظ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له، فقالوا: هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء، فهنالك حين رجعوا إلى قومهم، قالوا: يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا فأنزل الله عز وجل على نبيه قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن، وإنما أوحي إليه قول الجن "
                                        [ ص: 227 ] رواه البخاري في الصحيح عن مسدد ورواه مسلم عن شيبان بن فروخ عن أبي عوانة وهذا الذي حكاه عبد الله بن عباس؛ إنما هو في أول ما سمعت الجن قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وعلمت بحاله، وفي ذلك الوقت لم يقرأ عليهم، ولم يرهم، كما حكاه، ثم أتاه داعي الجن مرة أخرى، فذهب معه، وقرأ عليهم القرآن، كما حكاه عبد الله بن مسعود , ورأى آثارهم وآثار نيرانهم والله أعلم.

                                        وعبد الله بن مسعود حفظ القصتين جميعا فرواهما.

                                        [ ص: 228 ] أما (القصة الأولى) ففيما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو علي الحافظ قال: أخبرنا عبدان الأهوازي، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: " هبطوا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة فلما سمعوه، قالوا: أنصتوا، قالوا: صه، وكانوا سبعة أحدهم زوبعة، فأنزل الله تبارك وتعالى وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا - الآية - إلى ضلال مبين ".

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية