الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 135 ] باب مبتدأ البعث والتنزيل وما ظهر عند ذلك من تسليم الحجر والشجر وتصديق ورقة بن نوفل إياه

                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو الفضل بن إبراهيم المزكي، قال: حدثنا أحمد بن سلمة، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أحمد، وحدثنا محمد بن يحيى، ومحمد بن رافع، قالا: حدثنا عبد الرزاق وهذا لفظ حديث ابن رافع، قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري قال: وأخبرني عروة، عن عائشة، أنها قالت: " أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يأتي حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد، ويتزود لذلك , ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها حتى فجأه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فيه فقال: اقرأ.

                                        فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: "ما أنا بقارئ" .

                                        قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد , ثم أرسلني فقال: اقرأ.

                                        فقلت: "ما أنا بقارئ" فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد , ثم أرسلني فقال: اقرأ.

                                        فقلت: "ما أنا بقارئ" فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد , ثم أرسلني فقال: اقرأ باسم ربك الذي خلق [ ص: 136 ] حتى بلغ ما لم يعلم فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال: "زملوني زملوني" فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال: "يا خديجة مالي؟" فأخبرها الخبر، وقال: "قد خشيت علي" فقالت له: كلا، أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.

                                        ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو ابن عم خديجة ابن أخي أبيها، وكان امرأ تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العربي، يكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله عز وجل أن يكتب , وكان شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: أي ابن [ ص: 137 ] عم اسمع من ابن أخيك.

                                        فقال ورقة: ابن أخي ما ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رآه.

                                        فقال ورقة بن نوفل: هذا الناموس الذي أنزل على موسى.

                                        ياليتني فيها جذعا أكون حيا حين يخرجك قومك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أومخرجي هم؟" قال ورقة: نعم , لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا , ثم لم ينشب ورقة أن توفي.


                                        رواه مسلم في الصحيح عن محمد بن رافع، ورواه البخاري عن عبد الله بن محمد، عن عبد الرزاق.

                                        وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن الزهري قال: أخبرني عروة، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي [ ص: 138 ] الرؤيا الصادقة فذكر الحديث بمعناه وزاده في آخره: وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا لكي يتردى من رؤوس شواهق الجبال كلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه تبدا له جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد إنك رسول الله حقا فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه، ويرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا مثل ذلك، فإذا أوفى بذروة جبل تبدا له جبريل، فقال مثل ذلك.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية