الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال: أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار، قال: حدثنا تمتام، قال: حدثنا عباس بن الفضل الأزرق، قال: حدثنا الأسود بن شيبان، قال: حدثنا أبو نوفل بن أبي عقرب، عن أبيه قال: كان لهب بن أبي لهب يسب النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو عليه قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم سلط عليه كلبك" قال: وكان أبو لهب يحمل البز إلى الشام، ويبعث بولده مع غلمانه، ووكلائه، ويقول: إن ابني أخاف عليه دعوة محمد فيعاهدوه قال: وكانوا إذا نزل المنزل ألزقوه إلى الحائط، وغطوا عليه الثياب والمتاع قال: ففعلوا ذلك به زمانا، فجاء سبع فنشله فقتله، فبلغ ذلك أبا لهب، فقال: ألم أقل لكم إني أخاف عليه دعوة محمد كذا قال عباس بن الفضل وليس بالقوي: لهب بن أبي لهب، وأهل المغازي يقولون: عتبة بن أبي لهب، وقال بعضهم: عتيبة.

                                        وفيما أخبرنا أبو عبد الله، قراءة عليه قال: كانت أم كلثوم يعني ابنة [ ص: 339 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية تحت عتيبة بن أبي لهب، وكانت رقية تحت أخيه: عتبة بن أبي لهب، فلما أنزل الله عز وجل تبت يدا أبي لهب قال أبو لهب لابنيه: عتيبة، وعتبة: رأسي ورؤوسكما حرام إن لم تطلقا ابنتي محمد، وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عتبة طلاق رقية، وسألته رقية ذلك، وقالت له أم كلثوم بنت حرب بن أمية - وهي حمالة الحطب - : طلقها يا بني فإنها قد صبت فطلقها، وطلق عتيبة أم كلثوم، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم حين فارق أم كلثوم، فقال: كفرت بدينك، وفارقت ابنتك، لا تحبني ولا أحبك، ثم تسلط على رسول الله صلى الله عليه وسلم فشق قميصه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إني أسأل الله أن يسلط عليه كلبه" ، فخرج نفر من قريش حتى نزلوا في مكان من الشام يقال له الزرقاء ليلا، فأطاف بهم الأسد تلك الليلة، فجعل عتيبة يقول: يا ويل أمي هو والله آكلي كما دعا محمد علي، قتلني ابن أبي كبشة، وهو بمكة، وأنا بالشام، فعوى عليه الأسد من بين القوم، وأخذ برأسه فضغمه ضغمة فذبحه
                                        قال أبو عبد الله: فحدثنا بجميع ذلك محمد بن إسماعيل الحافظ، قال: حدثنا الثقفي، قال: حدثنا أحمد بن المقدام، قال: حدثنا زهير بن العلاء العبدي، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة قال زهير: وحدثنا هشام بن عروة، عن أبيه: أن الأسد لما طاف بهم تلك الليلة انصرف عنهم، فناموا وجعل عتيبة في وسطهم، فأقبل الأسد يتخطاهم حتى أخذ برأس عتيبة، ففدغه، وتزوج عثمان بن عفان رقية فتوفيت عنده، ولم تلد له، وتزوج أبو العاص بن الربيع زينب فولدت له أمامة.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية