الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        وأخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ببغداد قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عمرو الرزاز، قال: حدثنا محمد بن عبيد الله، هو ابن يزيد المنادي، قال: حدثنا إسحاق بن يوسف يعني الأزرق، قال: حدثنا القاسم بن عثمان البصري، عن أنس بن مالك قال: خرج عمر متقلدا السيف، فلقيه رجل من بني زهرة، فقال له: أين تعمد يا عمر؟ فقال: أريد أن أقتل محمدا قال: وكيف تأمن من بني هاشم، وبني زهرة، وقد قتلت محمدا؟ قال: فقال له عمر: ما أراك إلا قد صبوت وتركت دينك الذي أنت عليه قال: أفلا أدلك على العجب، إن ختنك وأختك قد صبوا وتركا دينك الذي أنت عليه قال: فمشى عمر ذامرا حتى أتاهما، وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خباب قال: فلما سمع خباب بحس عمر توارى في البيت، فدخل عليهما، فقال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ قال: وكانوا يقرؤون: طه فقالا: ما عدا حديثا تحدثناه بيننا.

                                        قال: فلعلكما قد صبوتما، فقال له ختنه: يا عمر إن كان الحق في غير دينك؟ قال: فوثب عمر على ختنه، فوطئه وطئا شديدا.

                                        قال: فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها، فنفحها نفحة بيده، فدمي وجهها، فقالت وهي غضبى: وإن كان الحق في غير دينك، إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله.

                                        فقال عمر: أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه قال: وكان عمر [ ص: 220 ] يقرأ الكتب، فقالت أخته: إنك رجس، وإنه لا يمسه إلا المطهرون، فقم فاغتسل أو توضأ.

                                        قال: فقام عمر فتوضأ، ثم أخذ الكتاب فقرأ طه حتى انتهى إلى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري قال: فقال عمر: دلوني على محمد، فلما سمع خباب قول عمر خرج من البيت، فقال: أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الخميس: "اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب، أو بعمرو بن هشام" وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار التي في أصل الصفا.

                                        قال: فانطلق عمر حتى أتى الدار، وعلى باب الدار حمزة وطلحة، وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى حمزة وجل القوم من عمر فقال حمزة: هذا عمر إن يرد الله بعمر خيرا يسلم فيتبع النبي صلى الله عليه وسلم، وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هينا.

                                        قال: والنبي صلى الله عليه وسلم داخل يوحى إليه قال: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عمر، فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف، فقال: ما أنت بمنته يا عمر حتى ينزل الله عز وجل بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة، فهذا عمر بن الخطاب: "اللهم أعز الإسلام أو الدين بعمر بن الخطاب" فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك عبده ورسوله، وأسلم وقال: اخرج يا رسول الله
                                        وقد رواه محمد بن إسحاق بن يسار في المغازي، وقال في الحديث: وكان عمر يقرأ الكتب، فقرأ طه حتى إذا بلغ إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى ، [ ص: 221 ] إلى قوله فتردى وقرأ: إذا الشمس كورت حتى بلغ علمت نفس ما أحضرت فأسلم عند ذلك أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا يونس، عن ابن إسحاق، فذكره، وقال فيه: وزوج أخته سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية